سلطاننا المعظم مع واجب التحية

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

عندما نقرأ التَّاريخ وبحرفية فإنِّه لم يذكر لنا يوماً من كان مع أي سلطان أو قائد أو فاتح إلا ما ندر غير أنّ الأوطان تصف الزمان في تلك المرحلة بقادتها، ولذلك يا مولاي- حفظك الله وأعزَّك- هو لاشك عهدك ومرحلة حكمك المُظفرة والتي نفتخرُ ونعتز بها، ولا شك أنَّ التاريخ سيُوثق ويصف ما في هذه المرحلة ونعم إنِّها صفحة مشرقة وستزداد تألقاً وإشراقاً.

غير أنَّه ومهما أعطى المستشارون من نصيحةٍ أو قدم المساعدون من عمل أو خطط فإنِّه أخيراً لن يكون إلا باسمك ولن يجرؤ أحدٌ كائناً من كان إلا أن يكون مُنفّذاً لاستراتيجية هي منك ومنبعها فكرك الثاقب وستكون لوطنك حتماً يا مولاي وعلى الرغم من التشابُه في وجهات النَّظر التي لا اختلف بها عن الكثيرين غير أنَّ المرحلة تحتم قرارات وتضحيات غير نمطية بحجم سلطان مثل جلالتكم وليست دون ذلك ومن أي مخلوقٍ كان والتقريب فيما أرمي إليه أن واحداً من سلاطين عُمان باع يخته الخاص بقرار شخصي لمصلحة وطنه، وبذلك فلست أفكر تحديداً ببيع مقتنيات ولن نصل إلى ذلك بعزة الله وفضله غير أنَّ محاكاة التاريخ تحتاج إلى البرهان والتشبيه النسبي.

ومن هنا ومن خلال هذا المنبر الوطني الخالص والرائع- جريدة الرؤية الغراء- كتبت كثيراً عن العلاج الذي حاول أن يقوم به بعض المسؤولين والذي شبهتُ بعضاً منه من خلال سياق بعض المقالات كمن يبحث من خلال المبالغ المعدنية ليفي بديونٍ تصل إلى ملايين الريالات، وهذا الحل لن يصل لا بالحفاظ على ما هو قائم ولا بالوفاء بديون الملايين؛ ذلك لأنَّ النظرة العامة واستراتيجية الحلول انطلقت من خلال نظرةٍ متواضعة لم يصل سقفها لما تمتلك عُمان من أسس ومقدرات وعقول، ولقد كان لمُراعاة المنظمات الدولية والتصنيفات العالمية رؤية أكثر مما يجب، وكذلك فإننا لم نرَ أي مراجعة أو وقف مخالف أو  قيمة اتفاقية أو تفكير بنظرة ثاقبة بعيدة لزيادة الدخل من كل الزوايا؛ مثل السياحة والزراعة والخامات الوطنية والاستثمار في عالم المياه والسدود بطرق وأسعار مُناسبة، وكذلك الخامات التي لا تعد ولا تحصى، وكذلك فإنَّ استقطاب العقول والمسؤولين انطلقت من الشهادة وحسب؛ حيث إن هذا الجانب تحديداً بحاجة ماسة إلى الموهوبين في فن القيادة قبل أيِّ شيء وعلى كل المستويات، وأن القياس حتى للمدير والمدير العام كان يجب وبحرص شديد البحث عن من لديهم أهم الصفات وهي تسهيل مصالح المواطن والوقوف معه وقبول رأيه وسهر الليالي على خدمته والإبداع في واجبه.

الوطن يا مولاي كثُرتْ فيه المُؤسسات الحكومية إلى درجة تبادل الرسائل للأعمال الداخلية فيما بينهم باعتقاد التنمية والعمل، غير أنَّه في الحقيقة وللبدء في أي مشروع، فإنَّ الزمن لذلك أطول بكثير من أي تصور، ومن هنا فإنَّ ترشيق العمل الحكومي بحاجة إلى عقول فذّة تجمع بين سرعة الإنجاز وقلة المحطات ويمكن أن يصل إلى درجة مكتبٍ واحد لكل ولاية يجمع تلك الجهات لاختصار الجهد والمال ويسهل الإنجاز.

إن الإحلال الوطني- عاجلاً أم آجلاً- يجب أن يكون بالاستفادة من الوافد تحت إمرة ومصلحة المُواطن لتغيير نمط التجارة المستترة وتفعيل دور وزارة التجارة وغرفة تجارة وصناعة عمان والصناديق مثل صندوق الرفد وغيرها، والبنوك تحت مظلةٍ واحدة، من خلال إعادة هيكلتها لتكون أقل جهداً في المال ولتكون قادرة على أداء واجباتها.

ولكي نكون أكثر وضوحاً فإنَّ التأخر الكبير وغير المبرر في التطعيم ضد الجائحة، لو كان تمَّ في وقت مبكر لكان ذلك واحداً من أهم الحلول لفتح الحركة التجارية، وتسهيل كسب الرزق للنَّاس بل وانفتاح الوطن على العالم في الوقت المناسب.

كما إن التوجه الاستراتيجي للتعليم، علينا جميعاً مراجعته بما يخدم خصوصية المرحلة قبل التقليد العالمي.

وكذلك المحاسبة والرقابة بحاجة إلى مراجعة شاملة لمن يعمل بها وطريقة عملها وذلك بشكلٍ عاجل. إن وجود شخصية مساعدة من عامة عُمان لديها الموهبة والمعرفة والقدرة على الإبداع وتجميع الجهود أصبح على أهمية ملحة.

مولاي المُعظم..

نعم ثم نعم والعالم يشهد أن عُمان وبقيادتكم الفذة ماضية بكل توفيق في الطريق الصحيح، إلا أنَّ تحديات الزمن وتقلباته وتطلعات أبنائه ووجود وسائل التواصل الاجتماعي والتحديات العالمية التي ترى من عُمان- وخصوصية وعظمة قيادتها وأبنائها- تحدياً، يفرض علينا أن نقبل الخوض في غماره مهما كان الثمن، وأن أبناء عُمان أولاً وأخيراً يعلمون أنَّ العزة والرفعة وتكاتف الوطن والالتفاف حول قيادته أمر لا يمكن الحياد عنه، وهو قائم بكل أركانه الأساسية والمتوافقة مع كل شيء.

اللهم احفظ عُمان وقائدها المفدى وشعبها من كل سوء، ووفقنا للرقي بما يطمح أهلها، وبما يجعل سعادتهم وصفاً ومثلاً لا ينساه الزمن وتاريخه.