هاجس الترقيات

 

سالم بن نجيم البادي

يُحاول ضحي جاهداً قدر استطاعته أن يبتعد عن السلبية، ويُريد أن يبث روح التفاؤل، وحسن الظن والصبر الجميل وانتظار الفرج القريب. وحين انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي تسريبات عن قانون العمل المُنتظر ومن بينها موضوع الترقيات أثار الموضوع شجن أولئك الذين انتظروا وقتاً طويلاً على أمل أن تصل إليهم ترقياتهم؛ وبالتالي تتحسن رواتبهم التي ظلت راكدة سنوات طويلة دون زيادة. يتغير العالم والأسعار، وتزيد تكاليف وأعباء الحياة والرواتب كما هي، إلا الزيادة التي حدثت في تلك السنة وفي ظل تلك الظروف المعروفة لديكم.

ولقد انتقد بعضهم تلك الزيادة اليتيمة في الرواتب، واعتبرها هفوة ينبغي التراجع عنها، ويعتقد أن أحد أسباب الأزمة المالية الحالية هي تضخم الرواتب، وهي التي تلتهم الجزء الأكبر من ميزانية الدولة.

وتسريبات توقف الترقيات عن الموظف غير المنتج نكأت جروحاً، وتوالت قصص كثيرة من أشخاص كانوا يأملون أن يجبر الظلم الذي لحق بهم نتيجة ضياع ترقياتهم.

بعض الموظفين سارت ترقياتهم دون تأخير وحسب المتعارف عليه كل 4 سنوات، وفي إحدى الوزارات السابقة قام الوزير- بعد أن علم أن الموظفين في وزارته يعتزمون رفع دعوى في القضاء الإداري- بترقية الموظفين بأثر رجعي!! وحصلوا على مبالغ جيدة أثارت غيرة أقرانهم في وزارات أخرى، وهذا ظلم واضح أن تتم ترقية موظفين في وزارة ولا يتم ترقية الموظفين في وزارات أخرى.

يُقال إن الموظفين في وزارة التربية مثلاً أعدادهم كبيرة، وهذا ما أدى إلى التأخير في الترقيات وتراكمت السنوات دون ترقية دفعات الأعوام 1985 و1990 و1991 و1992، وغيرهم مكثوا سنوات طويلة دون ترقية، والآن منذ عام 2014 وترقياتهم متوقفة، ومن الموظفين من أكمل 9 سنوات وأكثر دون ترقية وصارت فوضى وعدم عدالة في موضوع الترقيات،

ومن أحيلوا إلى التقاعد بعد أن أكملوا 30 سنة راحت عليهم وهم ينتظرون ترقياتهم الضائعة.

ضحي يعلم أنه لا جدوى من الحديث الآن عن الترقيات، وإن كان يعلم أيضًا أنه من الممكن أن تتم ترقية جميع الموظفين، وتعويض من يستحق التعويض خاصة من جرفتهم موجة التقاعد الإجباري.

وبالعودة إلى تسريبات قانون العمل المرتقب إن تم إقرار المواد المتعلقة بالترقيات، فإنَّ الأمر يحتاج إلى نقاش مطول والإجابة على أسئلة كثيرة تُزيل قلق الناس، وسوف يحتاج إلى وضع آلية محكمة تبين من هو الموظف المنتج ومن هو الموظف غير المنتج، وذلك بعيدًا عن المجاملة والمحسوبية والواسطة، وتوضيح الصفات والخصائص التي يجب أن يتحلى بها الشخص الذي سوف يقوم بتقييم الموظف والحكم عليه بأنه منتج أو غير منتج، ومن هذه الصفات: الموضوعية والنزاهة والعدالة والإلمام التام بمقتضيات التقييم، وسوف يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى نتخلص من المحاباة والمجاملة، حين يتساوى الموظف المُبدع مع الموظف غير المُبالي وغير المُنتج وحين تتدخل عوامل أخرى في التقييم، ومنها مدى قربك من المدير أو المسؤول المباشر وإجادة التملق والنفاق واللسان الحلو، وحب المظاهر و"خليك في الصورة دائمًا" والتمرس في العلاقات العامة. وقد ينزوي الموظف الصامت والمُخلص في عمله الذي يعمل دون ضجيج، وكل همه إنجاز عمله بإتقان، ولايهمه إن رضي زيد أو غضب عبيد، ولا يعنيه مدح عمرو فقط، يعمل لله تعالى ثم لوطنه وراحة ضميره، ويُريد أن يأكل لقمته بالحلال.

توجد أساليب أخرى لجعل الموظف العُماني غير المُنتج موظفاً مُنتجاً؛ منها: التدريب على رأس العمل والنصح والإرشاد والبحث له عن عمل يُجيده، أو نقله إلى وظيفة أخرى والحلول كثيرة وممكنة وتبدأ من لحظة اختياره للوظيفة، وبعد اجتيازه للاختبارات وفوزه بالوظيفة بعد التنافس عليها مع الآخرين.

وقبل أن نحرمه من الترقية لأنه غير منتج يجب أن نسأل أنفسنا: ما المساعدة التي قُدمت له حتى يصبح منتجاً؟ ولو تم تصنيف الموظفين إلى موظف منتج وموظف غير منتج فما مصير الموظف غير المنتج؟ فالحرمان من الترقية قد لا يكون الحل المناسب.. لذا اِبحثوا عن حلول أخرى!