فايزة الكلبانية
اليوم لا بُد وأن يكون لصناديق التَّقاعد دور استثماري وقيادي أكبر من حيث العمل على الاستثمار في مشاريع اقتصادية ملحة تكون طويلة الأمد بحيث تتواكب مع أهداف رؤية "عُمان 2040"، في بناء اقتصاد تنموي مُستدام، بحيث لا يقتصر دور صناديق التَّقاعد على الاستثمار في العقارات والأسهم والسندات، فعُمان اليوم بحاجة إلى استثمارات في قطاعات متنوعة تعمل على تشغيل الاقتصاد وإنعاشه، وخلق فرص عمل لشبابنا.
فعلى امتداد المساحات الشاسعة من وطننا العزيز يُمكن جذب الاستثمارات في شتى القطاعات، في ظل ما يتوافر من عناصر الأمن والأمان للمستثمر، وهو ما سيُساعد على المساهمة في حل أزمة الباحثين عن عمل والمسرحين، فالأصوات التي تتعالى اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام فيما يخص الباحثين عن عمل وقوانين العمل والاستثمار، وما يُواجهه المسرحون من أعمالهم من تحديات، تشير إلى زيادة حالة الاستياء من الواقع، رغم ما به من تحديات تفوق قدرة الدول، وكل هذا سينعكس سلباً بهروب المستثمرين وضعف الاستثمارات الخارجية بدلاً من جذبها، في ظل تحسن التصنيف الائتماني للسلطنة نتيجة لإجراءات ترشيد الإنفاق والاستهلاك التي حققت تحسناً ملحوظاً، فالأمور جميعها مكملة لبعضها.
أحد أهم تحدياتنا يتمثل في جذب الاستثمارات، فكيف سنجذب استثمارات من الخارج إذا كان العمانيون أنفسهم لا يستثمرون في بلادهم والبعض نتيجة لتعقيد الإجراءات يرى من الأفضل أن يختصر جهده وماله ووقته ويتجه للاستثمار في الدول المجاورة أو غيرها خارج حدود الوطن، فكثرة التعقيدات وارتفاع الرسوم والضرائب واستخراج التراخيص يُشكل عبئاً وتحديات ستسهم في هروب الاستثمارات والمستثمرين ولابد من تحسين يصاحب بيئة الأعمال.
هذا إلى جانب أنَّ صناديق التقاعد بالسلطنة لا تستثمر بالقدر الكافي في أرضها ولا تقود الاستثمار في البلد بخطى سريعة للتحسن ولاسيما مع ما تُعانيه مؤسسات القطاع الخاص نتيجة انتشار جائحة كورونا من تحديات، فكيف سيتشجع الآخرون من الصين واليابان وكوريا وتايوان وغيرها للإقبال على الاستثمار إذا كان الوضع بهذا القدر من التعثر والاعتماد على الاستثمارات خارج السلطنة والتي غالباً ما يكون البعض منها معرضا للخسائر.
من جانب آخر، جهاز الاستثمار العُماني يستثمر في أكثر من 35 دولة حول العالم، ويحتفظ بنسبة 65% إلى 85% من أصوله في الأصول المتداولة، ونسبة 15% إلى 35% في الأسواق الخاصة غير المتداولة، واليوم لابد وأن يعكس الجهاز قاعدة استثماراته واستراتيجيته التي غالباً ما تكون نسبة الاستثمار في الخارج أضعاف نسبة الاستثمار محلياً، فلو قلنا على سبيل المثال، يتم الاستثمار بنسبة 80% في الخارج، و20% استثمار في السلطنة، وأغلب هذه الاستثمارات تتركز في العقارات والأسهم والسندات، وغالباً هذا النوع من الاستثمار قد يحقق ربحاً وعائداً، وفي نفس الوقت قد يكون قابلاً للخسائر الفادحة مثلما حدث سابقًا، ولكننا اليوم بحاجة إلى أن نعكس الوضع بحيث يكون الاستثمار بالسلطنة بنسبة أكبر ولا ضرر من أن تصل إلى 90% محلياً و10% في الخارج نتيجة لتفادي الخسائر التي قد تحدث، إلى جانب العمل على انتعاش الوضع الاقتصادي بالبلد وخلق فرص لمشاريع استثمارية بالدقم وغيرها من المناطق الحرة والمساحات الشاسعة والتي بدورها ستخلق فرصاً للتوظيف بدلاً من أن نستثمر في العقارات والأسهم التي لا تعود للاقتصاد بفائدة على مدى الأعوام ولا تعمل على تكبيره وإنعاشه، قد تخلق أرباحاً صحيح ولكن لم يستفد منها البلد في الانتعاش استثماريا واقتصاديا وخلق فرص عمل للمساهمة بحل أزمة الباحثين عن عمل.
خلاصة سطوري هذه.. كلنا نُؤمن اليوم بأنَّ صناديق التقاعد تعتبر أحد أهم الأدوات التمويلية للمشاريع الوطنية، كما تعد مصدرًا مهماً لتوفير الحماية الاجتماعية للمتقاعدين فكلما استطعنا التصرف في هذه الأموال بطريقة عملية اقتصادية وفق أسس ومعايير تضمن التنويع الاقتصادي وتحقيق عوائد مجدية لاسيما بعد أن تتم مراحل الدمج وتنظيم آليات العمل بها ستحقق المزيد من الإنجازات المرتقبة.