سالم بن لبخيت كشوب
للأسف في أغلب المقابلات الإعلامية للمسؤولين من مختلف الجهات تغيب لغة الأرقام عند الحديث عن ما تمَّ إنجازه، أو المستهدف تحقيقه في نهاية العام مجرد فقط يتم الحديث عن نسب من المتأمل تحقيقها بعد عشرين أو أربعين سنة، وكأن المسؤول سيظل في منصبه إلى ذلك الزمن من أجل مساءلته في حال أخفق في تحقيق النسبة التي وعد بتحقيقها والتي بنيت وفق خطط وموارد مالية وبشرية تم تجنيدها لإتمام ما تم التصريح به أم أنَّها أصبحت عادة تأصلت لدى المسؤولين ولم تجد إعلاماً يمكن أن يلعب دور الرقيب على مثل تلك التصريحات.
مما لاشك فيه أن لغة التصريحات المستندة على أرقام ونسب محققة حتى إن لم تحقق ما كانت تصبو وتطمح له جهة ما يرسل إشارة إيجابية وبكل شفافية عن حجم العمل خاصة إذا ما صاحبها مبررات مُقنعة لعدم تحقيق النسب والأرقام التي تمَّ التصريح بها مسبقاً فالجيل الحالي جيل مثقف وواعٍ ويحتاج إلى مسؤول يتماشى في تصريحاته مع الآمال والطموحات وحجم الاستفسارات التي تصاحب الجهة التي يمثلها في ظل فضاء واسع من مواقع التواصل والإعلام الحديث الذي من المفترض لمختلف الجهات أن تعيد رسم سياستها وتوجهاتها في الجانب الإعلامي بما يتوافق ومتطلبات وظروف المرحلة الحالية التي أصبحت بلاشك تتطلب تصريحات تتمتع بالشفافية ولغة أرقام وليس تصريحات عامة تسبب الكثير من التساؤلات وتضع علامات استفهام كثيرة لعدم وجود إجابات منطقية وترسم في أحيان صورة سلبية عن جهة ما لغيابها وعدم تفاعلها مع المجتمع ووضعه في الصورة عن كل ما يتعلق بالبرامج المنفذة والخطط المزمع تنفيذها في مناخ يتسم بالشفافية وسهولة الحصول على المعلومة.
عندما تبادر الجهة بتوضيح برامجها وخططها وتتفاعل بشكل جميل مع مختلف الاستفسارات والملاحظات فهي ترسل رسالة إيجابية بأن المجتمع ولاسيما الفئة المستهدفة من خدماتها وبرامجها هم أساس نجاحها وتقدمها وهي بحاجة ماسة لكل المقترحات وحتى الشكاوي من أجل توضيح بعض المغالطات أو عدم وضوح الصورة لدى البعض مما يساهم في خلق صورة إيجابية لتلك الجهة من جانب وإصرارها وحرصها على التواجد بشكل فعَّال ومؤثر على الساحة وبشكل احترافي ونمط يتماشى مع متطلبات وظروف المرحلة من جانب آخر.
وهنا لابُد من إعطاء المساحة والصلاحية لدوائر الإعلام في مختلف الجهات وعدم تقييدها بالكثير من العراقيل والبيروقراطية وتأهيل وتدريب العاملين والمسؤولين على مواقع التواصل الاجتماعي لتلك الجهات وأهمية التفاعل الإيجابي لمختلف الردود والملاحظات لأنها الواجهة والانطباع الأول لأي متفاعل مع تلك المواقع إضافة إلى أهمية الاستعانة بخبراء في مجال الإعلام والعلاقات العامة عند رسم السياسات الإعلامية والخطة الإعلامية السنوية التي ستنفذها الجهات فللأسف أحياناً من يضع السياسة وأسلوب التعاطي مع مختلف القضايا التي تخص جهة ما خارجيا ليسوا مختصين بالجانب الإعلامي، مما يؤدي أحياناً إلى ردود وتأثير سلبي على سمعة وصورة بعض الجهات نتيجة الاستعانة بأشخاص غير متخصصين، فعندما تضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب تكون النتيجة كارثية.
أخيرًا على أي مسؤول أن يعي أن ما يهم المتلقي للأخبار التي تمثل الجهة التي يعمل بها أو المتابع لتصريحاته هي لغة الأرقام المستندة على حقائق ملموسة والحرص على التفاعل ليس من باب الضعف ولكن من باب أهمية المشاركة المجتمعية والحضور والتواجد في الوقت والزمن المناسب وإيصال رسالة بأن كافة الأبواب مفتوحة للنقاش والطرح الإيجابي المثري لاسيما مع مختلف وسائل الإعلام باعتبارها شريكا استراتيجيا إيجابيا وليس منافسا أو عدواً لابُد من الحذر منه أو التفاعل معه بشكل حذر، كما أنه لابد لمختلف وسائل الإعلام أن تعي دورها ومسؤوليتها في توضيح الكثير من الحقائق والعمل على إيجاد إيجابيات عن الكثير من الاستفسارات فهي وسيط بين المجتمع ومختلف الجهات ودورها وتأثيرها مهم ولا يقل تأثيرا عن أي جهة أو مؤسسة ليس بهدف التطبيل أو الهجوم على مسؤول أو جهة ما وإنما من باب مسؤوليتها ورسالتها السامية.
*******
"من خلال إعطاء الناس القدرة على المشاركة نحن نجعل العالم أكثر شفافية". مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك.