المحكمة النظامية.. محكمة دستورية

 

ظافر بن عبدالله الحارثي

dhafer.alharthy@hotmail.com

 

الساحة التشريعة في السلطنة مقبلة على تحديث جديد قد يطول في أثره، إضافة على التنظيم العام للمحاكم والاختصاصات، قاطعا من خلاله الخلافات الأكثر تداولًا في الوسط القانوني والمتعلق بالجهة المعنية في تطبيق مبدأ المشروعية، ومراقبة قاعدة تدرج القواعد القانونية، ومدى توافق أعمال الإدارة مع أحكام القانون مراعية احترام الهرم التشريعي في الدولة، والتي لا زالت حتى اللحظة من مهام المحكمة العليا في السلطنة، بينما في دول أخرى تُعتبر من اختصاص المحكمة الدستورية المعنية بذلك، إلا أنه يبدو أن المشرع العُماني ارتأى أن يتوافق مسمى هذه المحكمة مع مسمى النظام الأساسي الذي اصطلحناه في عُمان عوضًا عن كلمة الدستور لتصبح باسم "المحكمة النظامية".

لا شك أن المشهد القانوني في عُمان تحرك بعد إعلان تقرير اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى بشأن مقترح مشروع قانون "المحكمة النظامية" والتي كما جاء فيها أنه أُحيل لمجلس الدولة بطبيعة الحال حتى يأخذ مساره التشريعي المعتاد ليخرج فيما بعد على شكل قانون رسمي مطبق إذا ما تم الموافقة عليه ثم اعتماده بعدما رفع للتصديق والاعتماد. ومقترح مشروع القانون هذا هو وليد الحاجة المُلحة النابعة من التطبيقات العملية التي ثبتت الفارق الذي ستحدثه هذه المحكمة، وهي كذلك في ذات الوقت قديم متكررمن قبل المتخصصين، أوالأساتذة القانونيين، وغيرهم سواء من العاملين في المجال القانوني أو المهتمين. وهو ما ذكر في التقرير المنشور إذ أن مبررات إجازة المقترح ما هو إلا استجابة لتلك النداءات، ومواكبة مع متطلبات المرحلة.

لقد نصت المادة (85) من النظام الأساسي للدولة الصادر وفق المرسوم السلطاني رقم 6/ 2021 على أنه "يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين، والإجراءات التي لها قوة القانون، والمراسيم السلطانية، واللوائح مع النظام الأساسي للدولة، وعدم مخالفتها أحكامه، ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها"، وبذلك نستنتج بأن هذه المحكمة النظامية تستمد قوتها من حيث سبب نشأتها من خلال هذه المادة؛ إذ إنه بدون وجود هذه المحكمة -بصريح العبارة- لا تبدو الإجراءات المتعلقة بفصل ونظر هذا النوع من النزاعات واضحة.

هذا المقترح بلا شك سيحرص على تطبيق المادة (95) من النظام الأساسي للدولة التي نصت على أنه "تعمل الجهات المختصة على استصدار القوانين التي تستلزمها أحكام هذا النظام، وذلك خلال سنتين من تاريخ العمل به"، كما إنه سيعمل على سد كل مخالفة دستورية من خلال آلية وإجراء معين لمعرفته. أُوصي بالرجوع لمقال سابق قد نشرته بعنوان "دور القضاء في الرقابة على دستورية القوانين وتصرف الإدارة (2)".

مما لاشك فيه أنه قد يُثار الكثير من التساؤلات، إلا أننا من خلال فهم المقترح نتأكد أن طبيعة هذه المحكمة ذات طبيعة خاصة، ومؤكد أنه إذ ما كتب له الحياة بعد الموافقة والاعتماد والتصديق والنشر فإننا سوف نتعرف على ماهي الاختصاصات التي ستمارسها هذه المحكمة في القانون الذي سيتم نشره، كما إننا سنتمكن وقتها التعرف من على الإجراءات الواجب اتباعها أمام المحكمة، والشروط والضوابط التنظيمية لها، وكذلك كل ما يتعلق بالأحكام والقرارات الصادرة عنها.

تعليق عبر الفيس بوك