الخير قادم.. ولكن؟!

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

ليس بأبعد عن عيون وقلوب أهلي جميعاً في عُماننا الراسخة تابعت الكثير من الحديث والتغريدات التي تعلمت منها والتي كان جُلها يركز ويوضح حجم الصعوبة وتحديداً الاقتصادية منها وفي أنحاء العالم، غير أنَّ الجميل أن تلك العقول تدقق في مرحلية الأمر عن فترة العلاج في الوطن بعدها بإذن الله تعالى سندخل في عالم جديد من الخير والرفاهية.

تلك العقول التي قرأت أنها فلسفية في رؤياها ولم تناظر وتقرأ الأمور في أحداث اليوم، إنما ذهبت إلى آفاق الزمان والمكان الأبعد؛ وكأنها تقول لنا وبكل ثقة ومن قراءات واسعة وعقول داخل الوطن وخارجه إننا نسير على الطريق الصحيح، وسنصل منتصرين بصبرنا وقوة إيماننا بالله وبقيادتنا، مسخرين خبرة الأيام وأحداثها في وطن عظيم له من الأحداث والمعاضل ما يشيب لها الولدان، والتي تشبعت بها عروق أهل عُمان، ولذلك هي باقية صامدة قوية من قبل أن يبعث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.

وإذا أردت أن أدقق وبكل مصداقية ومسؤولية في كيفية إدارة الأمر اليوم، فلعلي أقول لو أنَّ أبا الوطن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- اختار طريقاً يُسعد به أهل الكلمات الرنانة والذي يسعدون بأشكال الأمور ورفاهيتها الموقوتة، وبعد ذلك يوقظنا الزمن على واقعٍ لن نستطيع أن نجاريه وأقلها الدخول في الديون المليارية أكثر فأكثر، أو أنه اختار تخفيض قيمة الريال حتى نراه عائمًا مثل كثير من دول العالم، أو أنه أنزل هامة الوطن للدول في المساعدات والهبات، غير أن عزيمته وقوة بأسه اختارت المُواجهة الفعلية والحقيقية لمصلحة الوطن، مهما كان الثمن والتحديات، متحزمًا بشعب عُمان العظيم الذي لا يجاري شموخه إلا عناد الأيام والكرامة والعزة ورفعة الرأس، وهكذا يكون ثمن الشموخ.

إن الفوارق الحقيقية التي رسخت دولًا وأخرى تاهت معها حضارات عبر التاريخ، كان عمادها قادة، بعضهم كان يبني للجمال والمديح وزينة اللحظة، ولا يأبه فيما ستكون عليه الأيام البعيدة، ولا ما سيخلفه للأبناء والأحفاد، وهذا ينطبق علينا كأفراد؛ فمن الآباء- وخاصة المؤسسين- قد ينام جائعًا، غير أنَّه يعلم وبرؤية لا يراها إلا هو، أنه يستثمر في جوانب سيشاركه أبناؤه وأحفاده قطافها. الدول الراسخة تلك الدول التي يظهر نقاء معدنها عند الاختبار، ولم تشهد الكثير من دول العالم عبر تاريخها ما رأته عمان من مواقف ومصاعب ومحن لم تزد العمانيين إلا صلابة وقوة، وخرجت من كل مصاعبها منتصرة ظافرة بحمد الله وفضله.

اليوم وفي قراءة للواقع، نعم أن ما نرى من تسريح لأبنائنا من بعض الشركات وكذلك إغلاق الكثير من مصالح الناس بسبب الجائحة العالمية، أمر لا يبعث على السعادة، غير أن الأمر يأخذ الكثير من التساؤلات، ومن يعتقد أن ما يحدث وعلى مستوى العالم هو امتحان رباني لجهة معينة فهو ليس في جانب الصواب، هذا الامتحان لنا جميعاً، وليس للحكومة فقط، ولعل أولها وإذا كان مؤجراً منّ الله عليه بالخير الوفير، يسعد هو وأسرته ويقبل أن يلزم فقيراً يعيش على ذلك المشروع، فإني شخصياً أرى أن إرادته وأمله ومنظوره قاصر إلى حدٍ بعيد، وكذلك فإن كان آخر لديه ما يقاسم به جاره أو قريبه ولا يتحرك لأجله فإني لا أراه إلا مثل سابقه.

أما من أعطاهم الله أرقام الملايين وإن لم يهبُّوا اليوم للوقوف مع الوطن، فليعلموا أولاً أن خيرهم جاء من كل فرد من هذا المجتمع، وكذلك فإنَّ مالهم لن يكون فيه البركة والنماء؛ بل والمباركة من خلق الله، فكيف يهنأ بملياراته وهو يعلم أن هناك على مستوى الوطن أمراً بمقدوره أن يقوم به ولا يفعل؟ فلا خير فيه ولا في ماله، ولو أني لم أكن أعلم عن نظام الحماية للمال في الوطن، لكان لي رأي آخر كما فعلت الكثير من الدول مع أصحاب الملايين والمليارات، ومع ذلك فإن الأمر النسبي في الصدقة والعطاء والمؤازرة لم يترك فرصة لأي منا ليكون في بعد من المشاركة، وذلك قبل أن نلقي بكل اللوم على الآخرين، وأن نثق جميعاً بأننا بذلك في اختبار من الله، فهل يكفي للنفس أن تهنأ بالسعادة في حين أنها يمكن أن تساهم في حل الكثير؟ خاصة إذا أيقن وعلم الإنسان أن الرصيد الحقيقي هو ما يودعه في رصيد العطاء، وليس العكس.

وبعد كل ذلك فإنَّ الفرصة مواتية لمعرفة الإنسان لذاته الحقيقية أين هي من بين خلق الله؟ علماً بأن أمثلة العطاء في الوطن مشرفة وكثيرة، لعل أقربها فاعل الخير الذي يفرج كربة المساجين كل عام جزاه الله كل خير، وكذلك فإني أرى أن على الحكومة تغليظ العقوبة على أي مفسد إن وجد لأن تراب عمان بريء منه ولا يقبله.