اللقاح هو الحل!

مدرين المكتومية

بدون مُقدِّمات، وأقولها صريحة لكل من يهمه الأمر: اللقاح هو الحل!

بل إنَّ اللقاح يبدو لي أنه الحل الوحيد للخروج من الأزمة العنيفة التي نمرُّ بها؛ نتيجة انتشار فيروس كورونا وتفشيه، لدرجة دفعت المسؤولين للقول بأنَّ القطاع الصحي يتعرض لـ"ضغط شديد"، وبات واضحا أنَّ هذا الضغط دفع الجهات المعنية لاتخاذ القرارات الأخيرة!

لكن وفي المقابل، وبناء على تجربة ما يزيد على عام كامل، اتَّجهت الكثير من دول العالم إلى فرض العديد من الإجراءات الاحترازية المشددة، وأدَّت إلى مُعاناة كبيرة مع تكبُّد خسائر بشرية واقتصادية ضخمة؛ الأمر الذي جَعلها تتَّجه إلى شراء اللقاحات، بل والتصنيع، لضمان سرعة حصول رعاياها على اللقاح؛ لأنها علمتْ أنَّ الحل الوحيد هو: اللقاح.

الآن.. ونحن نَئِن تحت وطأة الموجة الثالثة من كورونا، والتي تعدُّ الأشد على الإطلاق للسلطنة، خاصة في ظل تحورات الفيروس -وتحديدا المتحور البريطاني b117- والذي يعدُّ الأسرع في العدوى والتفشي. ورغم كل الإجراءات والجهود التي تبذلها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار كورونا، إلا أنَّ الإغلاق المسائي الأخير تسبَّب في حالة من التكدس والازدحام؛ مما أسهم في ازدياد أعداد الإصابات والمنومين بالمؤسسات الصحية. وبنظرة سريعة على الأرقام، يمكن رصد الصعود المخيف للمنحنى الوبائي؛ فقرار الإغلاق الليلي للأنشطة بدأ في 5 مارس، وفي 7 مارس بلغ إجمالي الحالات 143955 إصابة، وعدد الوفيات 1591 وفاة، والآن أصبح العدد 165482 إصابة و1728 وفاة؛ أي أنَّ الإصابات زادت أكثر من 21.5 ألف حالة، والوفيات زادت 137 وفاة خلال فترة الإغلاق!! هذه الزيادة الضخمة تستدعي إعادة النظر ودراسة تأثير القرارات، لا سيما وأنَّ هناك لجنة فنية مختصة بالتقصي الوبائي يتعين عليها إعلان رأيها في هذا التطور الوبائي. قد يقال إنه لولا الإغلاق لتضاعفت الأعداد، لكن لندع الرأي النهائي خاضع للبحث والدراسة عبر جهات تتحمل -أمام الله أولا ثم المجتمع ثانيا- مسؤولية القرار؛ لأنَّ المنطق ببساطة يقول إنَّ اجتماع أعداد كبيرة في وقت أقل عن المعتاد بالمجمعات التجارية، يعني زيادة في الكثافة والاختلاط، ومن ثم زيادة احتمالية تفشي العدوى؛ الأمر الذي يجعلنا نتساءل: إلى متى سيكون الحل هو الإغلاق وحسب؟ وما الفائدة المرجوة منه؟ وهل هناك خلل في الإجراءات المتبعة بالأساس؟

نعلم يقينا أنَّ اللجنة العليا تتخذ كل الإجراءات اللازمة لتخفيف الضغط على القطاع الصحي، الذي أصبح يئن من زيادة أعداد المصابين، والذين يحتاجون للعناية المركزة، وهذا الثقل على القطاع الصحي أسهم بشكل كبير في البحث عن إجراءات أكثر شدة وصرامة لتقليل الضغط على الكوادر الطبية وعلى المؤسسات الصحية. ولو نظرنا من حولنا، لوجدنا أن الكثير من الدول اتخذت نفس الإجراءات، لكنها سرعان ما اكتشفت أن لا حل لمواجهة حقيقية للفيروس سوى اللقاح، ونحن أيضا مهما اتخذنا من إجراءات؛ فهي فقط لتخفيف حدة الوضع، لكن الفيروس لن يرحل وسيظل بيننا ما دام هناك فرد واحد لم يحصل على جرعة من اللقاح.

وإذا ما نظرنا إلى الخسائر الاقتصادية التي نعيشها بسبب الإغلاقات المتكرِّرة لوجدناها تفوق ما قد ندفعه من أثمان لتوفير اللقاحات للجميع؛ فعُمان دولة تعدادها ليس بالكبير مقارنة مع الدول الأخرى.

وحتى أكون أكثر إنصافًا، فنحن بحاجة لشفافية فيما نمر به، ونريد إجابة شافية ووافية عن سؤال: ما الذي يجعلنا نقف عاجزين أمام الحصول على جرعات اللقاح؟ وحتى لا أُلقي باللوم على أحد، اعتقد أنَّنا بحاجة لإعادة النظر في مسألة مفهوم "تكاتف الجهود"، والذي تكرر ملايين المرات، ونادى به الكثير من المسؤولين على اختلاف مواقعهم؛ حيث إنَّنا الآن في خضم أزمة فعلية تحتاج تكاتفَ جهود المجتمع والقطاع الخاص للأخذ بيد الحكومة، تكاتف حقيقي نلمس صداه على الأرض، وليس في عناوين الصحف واللقاءات الإعلامية!!

الحقُّ يقال إنَّ الجهات المعنية تسعى للقيام بكل ما في وسعها للقضاء على الفيروس، لكن أيضا عليها أن تكون أكثر صراحة وشفافية، وتُخبر المجتمع بما ينقصها لتوفير اللقاح، وإذا كان الأمر يتعلق بالمال، فلا أظن أن 10 ريالات عمانية أو أكثر -على سبيل المثال- ستمثل عبئا على القادرين من الراغبين في تلقي اللقاح، والآن نرى الكثيرين ينادون بتلقي اللقاح ورغبتهم في الحصول عليه.

هنا.. يجب إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص لاستيراد اللقاحات تحت إشراف وزارة الصحة، ووفق الضوابط والشروط التي تراها مناسبة ليحصل عليه من يرغب بمقابل مادي.

أيضا نقترح أنْ تعكف الجهات المعنية في وزارة الصحة، على التعاقد مع الشركات المُصنعة للقاحات المرتقب طرحها في الأسواق خلال المرحلة المقبلة؛ سواء من خلال المشاركة في التجارب السريرية لضمان حصة كبيرة من اللقاح متى ما تمَّ اعتماده، أو فتح خطوط إنتاج لهذه اللقاحات؛ من خلال تأسيس مصانع أدوية في المناطق الاقتصادية أو الحرة أو الصناعية، والتي تقدِّم تسهيلات هائلة لأي مستثمر جاد، وكُلِّي يقين بأنَّ الاستثمار الواعد خلال المرحلة المقبلة سيتضمَّن الاستثمارات ذات الصلة بالقطاع الصحي.

خلاصة القول.. لا بديل ولا حل سوى اللقاح، والحصول عليه يجب أن يكون ذا أولوية قصوى، مهما كانت التكلفة، وعلى القطاع الخاص من بنوك وشركات كبرى أن تُسهم بالمال اللازم لشراء اللقاحات، علاوة على إمكانية تصنيع اللقاح في السلطنة كما ذكرتُ آنفا.