فضائل رمضان المبارك

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

aha.1970@hotmail.com

السنة الهجرية اثنا عشر شهرًا منها: أربعة أشهر حُرُم، وفيها أيام مشهودات، كالأيام المعدودات ويوم عرفة ويوم الحج الأكبر، وفيها أيضا ليالٍ طيبات، كليلة القدر، وبها أشهر مباركات، كشهر رمضان وشهر ذي الحجة.

وهذه الشهور هي الشهور القمرية الهجرية، وبها تؤرّخ هجرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وأحداث حياته، وعدد أيامها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يومًا، أو ثلاثمائة وخمسة وخمسون يومًا. وتعتمد على دورة القمر في تحديد الأشهر، وعدد أيام الشهر الواحد فيها تسعة وعشرون يومًا أو ثلاثون يومًا. ومن فوائدها للمسلمين: تحديد مواقيت الحج والأشهر الحرم وتوقيت دفع الزكاة وتوقيت العدد؛ كعدة الطلاق والحامل، وتحديد الصيام والفطر... وغيرها من الأمور المتعلقة بالتكاليف الشرعية.

ومن هذه الشهور، شهر رمضان المبارك الذي فضله الله على سائرها؛ كتفضيله يوم الجمعة على سائر الأيام، وتفضيله ليلة القدر على بقية الليالي، هذا الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ".

ومن فضائل هذا الشهر العظيمة والكثيرة: المغفرة والرحمة والعتق من النار، وتكفير الذنوب للمؤمنين؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". ومن فضائل رمضان أنه تُفتَح فيه أبواب الجنّة، وتُغلَق أبواب النيران، وتُصفَّد فيه الشياطين كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ". ومن فضائله أيضا أنه تٓعدلُ فيه الفريضة سبعين فريضة فيما سواه، ويزداد فيه رزق المؤمن وتعم فيه النفحات، وتزداد فيه القربات والقرابات، ويستشعر الغني ما يكابده الفقير من منغّصات ومشقات في هذه الحياة فيسارع  في سد الحاجات، لينال رضا الرحمن، ويتقاسم مع أخيه المحتاج الصبر على مكاره النفس ليعم الفرح والحبور كل أفراد المجتمع، فيشعر المرء بالطمأنينة والأمان في سربه، مما يجعله يشعر بعظمة هذا الشهر فيتدبر فيمن حوله ويشعر ويستشعر حاجة أخيه في أرجاء المعمورة: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحُمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

هذا الشهر الكريم، ونحن تحت وطأة هذه الأزمة وهذه الجائحة، وما خلفته من تداعيات صحية واجتماعية واقتصادية، ينبغي لنا أن نقف وقفة تدبُّر وتأمُّل مع النفس، ونتفكَّر فيما أنعم الله به علينا من نعم، ونستلهم من الشهر الفضيل الصبر على ما جبلت عليه النفس من حب متع الحياة الدنيا وزينتها، والتفكُّر والتدبُّر في حالنا قبل الجائحة وبعدها، وأن نتفكر في حال إخواننا الذين يكابدون شظف العيش من مجاعات وحروب وتشريد، وما ننعم به من أمن وأمان، كما يجب علينا أن نراجع علاقتنا مع ربنا سبحانه ونتوب إليه ونستغفره ليرحمنا ويرفع عنّا هذا الوباء الذي حلّ بالبشرية؛ فاللهمَّ عافنا من بلائك ونجّنا من شر قضائك.

تعليق عبر الفيس بوك