السعيدي: أغلب الحالات المرصودة لوافدين رغم فحوصات ما قبل الوصول

تدشين الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل.. والسلطنة من الدول ذات معدل الإصابة المنخفض عالميا

 

مسقط - العمانية

دشَّنت السلطنة -مُمثلة في وزارة الصحة- أمس، الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل، والتي تقوم بتنفيذها على مراحل، وترتكز بشكل أساسي على خفض نسبة الإصابة والوفيات.

ويأتي تدشين الإستراتيجية تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للسل الذي يوافق 24 من مارس من كل عام؛ حيث يُعدُّ السل من أكثر الأمراض المُعدية فتكًا في العالم وتُصنَّف السلطنة أنَّها من الدول ذات معدّل الإصابة المنخفض بهذا المرض بنسبة 10 لكل 100 ألف. وقال معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة، الذي رعى تدشين الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل: إنَّ الحالات المُسجَّلة بمرض السل في السلطنة في انخفاض خلال السنوات العشر الماضية؛ حيث حصل ارتفاع طفيف في عام 2019، ويُعزى ذلك إلى دقة وسائل التشخيص التي أُدخلت في السلطنة، مشيرًا إلى أنَّ الحالات المسجَّلة في السلطنة هي في الأغلب للوافدين على الرغم من الفحوصات التي تُجرى لهم قبل القدوم إلى السلطنة.

وأضاف معاليه أنَّ السلطنة انتهجت تشخيص وعلاج الوافدين المصابين بمرض السل مجانًا والذي أسهم في انخفاض الانتشار المحلي لهذا المرض، موضحًا أنَّ مرض السل بالنسبة للعمانيين كان في الفئات المتقدمة في العمر والمُصابة بالأمراض المزمنة الأخرى.

وأشار معاليه إلى اختيار السلطنة من الدول القلائل جدًا والوحيدة في إقليم الشرق المتوسط لتكون كمثال للقضاء على السل؛ حيث وضعت هذه الإستراتيجية خارطة طريق للقضاء على السل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والقطاعات الأخرى للوصول إلى أهداف الإستراتيجية الوطنية قبل عام 2035.

وعرج معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي -في ختام تصريحه- إلى مشاركة السلطنة في اجتماع رفيع المستوى عُقد في نيويورك عام 2019؛ حيث أختيرت السلطنة لتكون من بين 3 دول على المستوى العالمي للقضاء على مرض السل.

من جانبه، أكّد سعادة الدكتور جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية في السلطنة، في كلمة له، أنَّ السلطنة عملت في العقود الخمسة الماضية من عصر النهضة على نشر مظلة الخدمات الصحية في كافة ربوعها وقد اعتمدت مبدأ الرعاية الصحية الأولية كمدخل رئيس لمختلف مستويات خدمات الرعاية. وأضاف أنَّ السلطنة ركّزت على دعم مكوّنات الرعاية الصحية الأولية ومكافحة الأمراض المُعدية من خلال إنشاء ودعم البرامج الصحية الوطنية وعلى رأسها برنامج التحصين الموسّع في مطلع عقد الثمانينيات، والذي أسهم في القضاء على أمراض الطفولة الخطرة وتحسّن المؤشرات الصحية المرتبطة بانتشار الأمراض المُعدية، وعلى رأسها مرض السل. وأشار إلى أنَّ السلطنة تُعدُّ من الدول ذات معدّل الإصابة المنخفض بعد التناقص الملحوظ في معدّلات الإصابة خاصة في العقد الماضي مما يُمثّل فرصة لنا من أجل التعاون وتنظيم الجهود المشتركة وتسخير الإمكانيات المُتاحة من أجل تحقيق هدف القضاء على مرض السل في السلطنة في أقرب وقت مُمكن مؤكدًا أنَّ الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل التي دشّنتها السلطنة إحدى أهم الخطوات للوصول لهذا الهدف المنشود.

وتهدف الإستراتيجية الوطنية للقضاء على السل في مراحلها الأولى إلى خفض نسبة الإصابة إلى 10 لكل مليون بحلول عام 2035م؛ وذلك للوصول إلى ما يُسمَّى بمرحلة ما قبل القضاء على السل عن طريق خفض الإصابة بنسبة 90 بالمائة وخفض الوفيات بنسبة 95 بالمائة قياسًا على الوضع الوبائي لعام 2015.

وتتضمَّن الإستراتيجية توفير الفحوصات المخبرية ذات الفاعلية والحساسية الكبرى التي تساعد على سرعة تشخيص المريض المُشتبه به خلال ساعات من أخذ العيِّنة إضافةً إلى توفير العلاج المناسب للمصابين والمخالطين مِمَّن تمَّ تشخيصهم بالسل الكامن.

وتستند الإستراتيجية إلى ركائز أساسية؛ منها: تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وفق معايير وضوابط واضحة لضمان الجودة خاصة فيما يتعلّق بالفحص المبكّر وتقديم الرعاية الطبية المطلوبة للفئات الأكثر عُرضة كالوافدين من الدول ذات معدّل الإصابة المُرتفع.

وتُركِّز الإستراتيجية على الأساليب الوقائية كفحص السل الكامن وعلاجه باعتباره من أهم الحلول المطروحة عالميًا في سبيل الوصول للهدف المنشود للقضاء على السل ويُمثّل ركيزة أخرى ضمن الإستراتيجية الوطنية. وأسهمت جهود السلطنة للقضاء على السل في استمرار انخفاض معدلات الإصابة وارتفاع مستوى الخدمات الصحية المُقدَّمة للمصابين والمخالطين، وقد تبنّت السلطنة إستراتيجية القضاء على السل بحلول عام 2050 بشكل نهائي عن طريق تسريع معدّل الانخفاض عبر التركيز على الكشف المبكّر وسرعة البدء في العلاج المناسب وكذلك التركيز على تشخيص وعلاج السل الكامن في الفئات الأكثر خطورة كالعاملين الصحيين والأشخاص القادمين من الدول ذات الإصابة العالمية، إضافة لتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص ورفع مستوى الوعي المجتمعي.

وتتوافر في السلطنة الكواشف المخبرية التي تمكّن من الحصول على نتائج الفحوصات للمصابين خلال ساعتين فقط منذ وصول العيّنة إلى المختبر، كما يُمكن التعرُّف مبدئيًا من خلال هذه الخطوة على وجود سلالات مقاومة للمضادات؛ الأمر الذي من شأنه أن يُسهم في البدء بإعطاء المريض العلاج المناسب وهذه الخطوة مهمّة جدًا في إيقاف انتشار المرض بين أفراد المجتمع والتشافي من المرض بسرعة أكبر.

وبلغ معدّل الإصابة في السلطنة في عام 2020، 7 لكل 100 ألف؛ حيث تم تسجيل 314 حالة سل مؤكدة؛ منها 95 حالة للعمانيين و219 لغير العمانيين وسُجّلت 23 حالة وفاة بهذا المرض.

وتبذل السلطنة جهودًا حثيثة للقضاء على هذا المرض بفضل الدعم المستمر من قِبل أصحاب القرار الأمر الذي يعكس وجود رغبة حقيقية وجادة في هذا الجانب مع التأكيد على أهمية رفع مستوى الوعي بالمرض وتعزيز البحوث العلمية المتعلّقة بالمرض الأمر الذي من شأنه أن يُسهم في الوصول إلى خدمة أفضل للمصابين والقضاء عليه.

وتتمثل أعراض مرض السل في معاناة المريض لمدة أسبوعين أو أكثر من الحمّى والسعال الذي يكون مصحوبًا بخروج الدم في بعض الأحيان والتعرُّق الليلي ونقص الوزن بشكل ملحوظ مع انعدام الشهية وقد تظهر أعراض أخرى متعلّقة بالأعضاء الأخرى.

أما طرق الوقاية من المرض، فتتمثّل في سرعة التوجه للمؤسسة الصحية فور الشعور بالأعراض لتسريع الكشف عن المرض وعلاج المصاب وتتبع المخالطين له وعلاج المصاب منهم بالسل النشط أو تقديم العلاج للمصابين بالسل الكامن.

ولمرض السل نمطان معروفان بعد إصابة الشخص به؛ الأول هو النشط وتظهر أعراض المرض بعد التعرُّض لبكتيريا السل وتكمن خطورته في تفاقم المضاعفات إذا لم يتم الكشف عنه ومعالجته أما النمط الثاني فهو السل الكامن وفيه يُصبح الشخص حاملاً لبكتيريا السل دون ظهور أعراض المرض عليه وتكمن خطورة هذا النوع في إمكانية تحوُّله للنوع النشط في حال لم يتم علاجه.

وأشادت مُنظّمة الصحة العالمية ومؤسسات دولية مرموقة بجهود السلطنة في القضاء على مرض السل حيث نشرت المنظمة أخيرًا الدليل الاسترشادي للقضاء على المرض في الإقليم الأوروبي مستندةً إلى بعض الأدلة القائمة والتجارب المنشورة لبعض البلدان مستشهدةً بالسلطنة باعتبارها من التجارب المُثيرة للاهتمام في إقليم شرق المتوسط، إلى جانب تجربة الولايات المتحدة الأمريكية والتجربة الكندية في إقليم أمريكا الشمالية مشيرةً إلى أنَّ هذه الدول في مسارها الهادف للقضاء على السل.

ويعدُّ مرض السل أو الدرن الذي تتسبَّب فيه جرثومة بكتيريا السل أحد أبرز الأمراض المُعدية المعمّرة، وهو مرض قد يُصيب الجهاز التنفسي أو بعض الأعضاء الأخرى كالجهاز العصبي والعظام والجهاز الهضمي والجهاز الليمفاوي، وينتقل المرض من شخص لآخر عن طريق التعرُّض للرذاذ المُعدي المنبعث من الشخص المصاب أثناء العطس أو السعال. ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للسل "من أجل إذكاء وعي الجمهور بالعواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية المدمّرة للسل، وتكثيف الجهود الرامية لإنهاء وبائه في العالم وجاء اختيار هذا اليوم لتخليد ذكرى اليوم نفسه من عام 1882م الذي أعلن فيه الدكتور روبرت كوخ عن اكتشافه للبكتيريا التي تسبّب السل مما مهّد الطريق لتشخيص هذا المرض وعلاج المُصابين به".

تعليق عبر الفيس بوك