الدراسة في المغرب (10-12)

دردشة على جدار الزمن

 

حمود بن علي الطوقي

عيد الفطر السعيد (رحل الحبيب)

الشعب المغربي المسلم كان يأسَف لرحيل شهر رمضان، فيودِّعون المغاربة شهرَ رمضان بعبارة "رحل الحبيب".. فعلًا كان لشهر رمضان في المغرب منزلة كبيرة، فهو من أهم الشهور التي ينتظرها المغاربة بفارغ الصبر، مثلهم مثل بقية الشعوب العربية والمسلمة في مختلف بقاع العالم.

ومع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان، يبدأ المغاربة الاستعداد للاحتفال بعيد الفطر المبارك، وهو عيد المسلمين، والمغاربة يحتفلون بهذا العيد بطريقتهم الخاصة؛ فهناك شبهٌ بين المغاربة والعمانيين للاحتفاء والاحتفال بعيد الفطر، يبدأ ذلك مع تحري هلال العيد؛ فالمغاربة لا يعتمدون على الفلك في تحديد يوم العيد، بل تتشكل لجان في مختلف المناطق والولايات لتحرِّي الهلال، ويتم الإعلان عن العيد رسميًّا في وسائل الإعلام في حالة ثبوت رؤية الهلال، وهذا التقليد شائع عندنا في عُمان، وأستطيع أن أجزم بأنَّ الدول العربية التي تتحرى هلال العيد بالعين المجردة هي سلطنة عُمان والمملكة المغربية.

ومن حُسن الصُّدف الجميلة، كنا كطلبة عمانيين ننتظر رؤية الهلال في عُمان، ويتصادف أن نصُوم معًا ونفطر معا، ويكون احتفالنا بالعيد مع احتفال أهالينا في السلطنة.

أذكر أننا كطلبة كنا نتجهَّز لاستقبال العيد ونقوم بشراء الحلويات والسكاكر والمحليات من فران الحومة، وكان لدينا في حي آكدال فران يبيع مختلف أصناف الحلويات، وكان هذا الفران يشهد تزاحما من قبل الأسر المغربية؛ حيث لابد أن تتزين أطباق العيد بالحلويات التي تقدم للضيوف، ومن أشهر الحلويات المغربية التي تقدَّم في العيد: كعب الغزال والغريبة والشباكية.

نحن أيضا كان لنا نصيب للاحتفال بهذه المناسبة، وفي هذا اليوم تُعطِّل المؤسسات ويكون إجازة رسمية.

وأذكر أننا كنا نذهب إلى "حي عكراش" لشراء الذبائح، وهذا الحي يقع خارج مدينة الرباط، وهو حي شعبي ويشتهر ببيع الأغنام، وهي شبيهة بالأغنام التي تربى عندنا في عُمان، وتباع هذه الأغنام بأسعار مناسبة وسعرها أقل من سعر الخروف.

أعود إلى احتفال المغاربة بالعيد الصغير، وهو عيد الفطر، ويتم أيضا توزيع زكاة الفطر على الفقراء، وأذكر أننا كنا ندفع زكاة الفطر أو كما نُسميها في عمان فطرة الأبدان لبوَّاب العمارة وأيضا للفقراء.

وفي عيد الفطر.. يتمُّ تزيين المنازل، ويخرج الرجال بلباسهم المغربية التقليدية لصلاة العيد، وتكتظ المساجد بالمصلين.

أمَّا عن طقوس عيد الأضحى، فتختلف في المغرب عن بقية الدول الإسلامية، وعادة يقوم الملك بذبح كبش كأضحية قبل بقية المسلمين، ويُذبح هذا الكبش كتقليد مغربي عريق، ويقوم الإمام بذبح الكبش الثاني، ومن بعده يذبح بقية المغاربة، ويحرص الجميع على توفير الذبيحة وذبحها حتى الفقراء منهم.

ويقوم الملك بذبح الكبش الصردي، وهو من أجود أنواع السلالات المغربية، ويتم تربيتها في إقليم السراغنة  وتحافظ المغرب على هذه السلالة، وتعتبر الأغلى والأجود، وتتميز بطعمها اللذيذ.

نحن كطلبة كنا نقضي إجازة العيد إما بالسفر لزيارة أصدقائنا وزملائنا في مراكش أو فاس أو مكناس، وكنا أيضا نقضي فترة العيد بالسفر إلى "غابة المهدية" الجميلة، وهي تقع خارج مدينة الرباط وسلا.

وفي المهدية كنا نجهز المشاكيك بالطريقة العمانية، ونطبخ ما لذ وطاب من المأكولات، وتتصدَّر الكبسة هذه المأكولات، وكلنا كنا نتشارك في عملية الطبخ، ونقضي هذا اليوم منذ الصباح الباكر وحتى وقت غروب الشمس.

كانت أيام جميلة ستظل راسخة في وجداننا، ومع مرور الوقت نتبادل الصور والذكريات الجميلة التي كنا نعيشها بأدق التفاصيل.