نقاش حول الزيادة السنوية 3% في القطاع الخاص

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

لا يختلف اثنان على أنَّ مؤسسات القطاع الخاص في العالم تواجه اليوم تحديات وصعوبات كبيرة للاستمرار في عملها بصورة معتادة، وسط التداعيات التي يُفرزها الوباء العالمي "كوفيد 19"، رغم التطعيمات واللقاحات التي توفرها الحكومات لمواطنيها لمواجهة الجائحة.

وضع المؤسسات والشركات العمانية السيئ حاليا، لا يقل في هذا الشأن عن حال المؤسسات الأجنبية في العالم؛ من حيث: التحديات والمشاكل التي تواجهها، إن لم تكن أصعب من ذلك؛ نتيجة استمرار تداعيات الوباء، خاصة هذه الأيام التي يزيد فيها عدد الإصابات والوفيات؛ الأمر الذي يدفع بالسلطات إلى اتخاذ مزيد من الإجرءات؛ منها: إغلاقات المتاجر والمحلات، والعمل لساعات معينة.

فالأمور التي تهمُّ القطاع الخاص والعاملين في المؤسسات والشركات هي موضع الحديث في الكثير من النقاشات بين التجار ومسؤولي الحكومة والأكاديميين...وغيرهم، خاصة تلك التي ترتبط بقضية الباحثين عن عمل وإنتاجية الأفراد والزيادات السنوية والدوران الوظيفي.. وغيرها من القضايا الأخرى.

اليوم.. يواجه القطاع الخاص مُعضلة في كيفية حل مشكلة الزيادة السنوية للعاملين لديها في ضوء هذه المشاكل المتفاقمة، والتي تؤدي أحيانا لتسريح بعض عمالته، أو دفعهم للبحث عن وظائف في المؤسسات الأخرى. هذا الموضوع وغيره كان محل نقاش بين عدد من التجار والأكاديميين في مجلس الزميل جميل بن علي سلطان مؤخراً، الذي لم يتجاوز الحاضرين منهم عشرة أشخاص، اتَّخذوا الاحترازات المطلوبة مع ترك مسافة كبيرة فيما بينهم اتقاءً للوباء.

المجتمعون يرون أنَّ الزيادة السنوية للعمالة في القطاع الخاص يجب ألا تكون إجبارية على المؤسسات والشركات، خاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها في البلاد بسبب الجائحة، بل يترك الأمر لأداء العامل والموظف سنويا، مستندين إلى المواد القانونية التي لم تُشر بوضوح إلى تعريف هذه الزيادة السنوية "العلاوة الدورية" بشكل مباشر، إلا أنَّ المسؤولين في إدارة الموارد البشرية يعلمون جيداً أن الزيادة السنوية هي عبارة عن كل مبلغ يُضاف إلى أجر العامل الأساسي في موعد دوري، وغالباً ما يكون في بداية كل عام. ولكن القرار الوزاري الذي صدر عن وزارة العمل (وزارة القوى العاملة) سابقا رقم 541/2013، يشير إلى أنَّ الحد الأدنى للعلاوة الدورية هي نسبة لا تقل عن 3% من أجر العامل الأساسي، وتُستحق في الأول من يناير من كل عام، إلا أنَّ هذا القرار ذكر شرطيْن لاستحقاق هذه العلاوة الدورية؛ وهما: أولاً: ألا تقل مدة خدمة العامل عن 6 أشهر لدى صاحب العمل، وثانيا: ألا يكون قد حصل العامل على تقدير (ضعيف) في تقرير الأداء السنوي له؛ الأمر الذي يتطلب أن تكون لدى كل مؤسسة ومنشأة عمانية نظام لتقرير أداء الموظف السنوي، بحيث يستحق العلاوة الدورية طالما أنه لم يحصل على تقدير (ضعيف) في تقرير أدائه السنوي. وهذا يجب أيضاً تفسيره بصورة واضحة؛ بحيث لا يبخس أجر العامل. كما يعني أنه طالما وجد نظام داخل المنشأة لتقييم العاملين لديها، فهي تكون ملزمة بأن تضع لكل عامل تقرير أداء سنوي، ومن حق العامل أن يعترض على تقريره إذا كان يرى أنه لا يتطابق مع ما يقوم به من عمل وجهد وأداء داخل المنشأة.

اليوم.. هناك بعض المؤسسات والشركات العمانية الكبيرة من الدرجة الممتازة والأولى تشغّل آلاف العمال، خاصة تلك التي تعمل في مجال المقاولات والبناء. وهذه الزيادة أصبحت اليوم عبئاً كبيرا على مثل هذه الشركات، حيث إنَّ لدى البعض منها أكثر من 7 آلاف عامل عماني، في الوقت الذي نرى فيه أنَّ الشركات والمؤسسات الصغيرة من الدرجات السفلى لا يوجد لديها تقييم واضح للعاملين؛ الأمر الذي يؤدي لحدوث مشاكل قانونية بين العاملين وأصحاب المؤسسات أحيانا. والسؤال المطروح اليوم هو أن المؤسسات الحكومية وفي إطار التعليمات التي تصدر عن وزارة المالية تقوم بتأجيل الكثير من الامتيازات والحوافز والمكافآت السنوية عن العاملين لديها، فلماذا تُجبر مؤسسات القطاع الخاص في هذه الظروف الصعبة على دفع العلاوة السنوية للعاملين لديها؟!

القطاع الخاص العماني لا يُنكر أن العلاوة السنوية أو أي علاوات أخرى يستحقها العامل يجب وقفها عنهم، فهي مستحقة لكل عامل منتج ومخلص في عمله وإنتاجه، وفي القيام بمسؤولياته، ولكن المشكلة في الذين يتهربون ويتأخرون عن العمل، ويخالفون قوانين العمل ولا يقدرون أخلاقيات العمل التي تنادي بها التشريعات المعروفة في المؤسسات والشركات، ويقدمون أعذاراً مختلفة، ورغم ذلك تُجبر المؤسسات العمانية على دفع تلك المستحقات لهم من خلال المحاكم، خاصة في حالات إنهاء الخدمات لبعض مهم بسبب التصرفات والسلوكيات التي تصدر عنهم، وهي مخالفة لقوانين العمل. هذه الأمور موضحة في المرسوم رقم 35/2003 حول قوانين العمل في البلاد.

وأخيراً.. الهدف من إثارة هذا الموضوع هو أنْ تتخذ الدولة ومؤسسات القطاع الخاص الإجراءات اللازمة لضمان حصول العمال على أجورهم والزيادات السنوية في حال وجود قدرات مالية لدى المؤسسات والشركات، ومنع حدوث نزاعات عمالية ومحاكمات تكون مُضرَّة للطرفين في نهاية المطاف، وبحيث تكون حماية حقوق العمال وأربابها في إطار قانوني، وفي إطار بيئة عمل نظيفة يمكن من خلالها تعزيز إنتاجية العمال والمؤسسات في آن واحد.