ماذا تعني النظرة الإشعاعية؟

وليد بن سيف الزيدي

wssdy82@gmail.com

النظرة الإشعاعية هي النظرة إلى الأشخاص أو المواقف أو الظروف أو الأحوال، أو كل ما يمكن النظر إليه، من جوانب عديدة أو من عدة زوايا، وليس من زاوية واحدة فقط، والتي عادة ما تكون تلك النظرة حسب ما هو ظاهر لنا دون الاهتمام بالجوانب المخفيَّة المشرقة؛ فيكون الحكم سريعًا وغير دقيقٍ؛ بناءً على تلك النظرة القاصرة أحادية الجانب.

ومن هنا، تأتي أهمية النظرة الإشعاعية؛ حيث يتمُّ النظر إلى الأشخاص والمواقف والتجارب من عدة زوايا، والتي يترتَّب عليها التفكير الإيجابي المتزن حول ما تم النظر إليه؛ فيقدم الشخص بكل حماس وعزيمة على العمل في مختلف جوانب الحياة وبذلك يُسعد نفسه أولًا، ومن ثم يُسعد الآخرين.

وهنا.. أضربُ مثالًا على استخدام النظرة الإشعاعية في التعليم في ظل وجود الجائحة؛ حيث الجميع يؤمن بفاعلية التعليم؛ سواء كان المدرسي أو الجامعي، والذي يتم داخل الغرف أو القاعات التدريسية مع وجود المعلم والمتعلم ومعينات التعليم (كالوسائل التعليمية والأجهزة والأدوات وطرائق التدريس المتنوعة)، خصوصًا في المقررات التطبيقية (العملية). لكن من الأشياء الجميلة التي ظهرت على التعليم في ظل وجود الجائحة تمثلت في الجوانب الآتية:

- العمل على إكساب المعلم والمتعلم العديد من المعارف والمهارات في التعامل مع عدد من الأجهزة والبرامج والتطبيقات، والتي كان لوزارة التربية والتعليم الدور البارز في هذا الشأن من حيث تهيئة الظروف لذلك.

- أصبح هناك تحرُّك جيد على مستوى مختلف القطاعات من حيث العمل على بناء وتقوية البنية التحتية في مجال الشبكات والتقنيات، والتركيز على الدورات وورش العمل التي تكسب الأفراد مهارات التعامل مع تلك التقنيات.

- لن يكون هناك تراجع في المستقبل عن استخدام التقنية في التعليم بعد الجائحة، بل على العكس تمامًا، وهذا ما تؤكد عليه المعطيات التي لمسناها ونلمسها اليوم، وكذلك ما تؤكد عليه رؤية 2040 في بلادنا الحبيبة عُمان.

الفكرة التي أريد أن أوصلها إليكم أيها الأعزاء أنَّه من الجيد التركيز على النظرة الإشعاعية في مختلف جوانب حياتنا اليومية، قبل إصدار الأحكام، والتي عادة ما تكون غير دقيقة بناءً على النظرة أحادية الجانب، خصوصًا ونحن نعيش اليوم في ظل التسارع الكبير الحاصل في العالم من حيث تغيُّر الأحداث والمواقف والمعارف والعلوم والنظريات والمهارات والقدرات؛ نتيجة التطور الهائل والسريع في التقنيات المختلفة والتي أسهمت في توفير كم هائل من البيانات حول العالم وفي أقل وقت وبأقل جهد وتكلفة؛ الأمر الذي يدفعنا للحاجة إلى هذه النظرة في ظل كل هذه المعطيات.

وما يُؤكد سرعة هذا التغيير في العالم وحاجتنا لهذا النوع من النظرة، التساؤلات التالية:

* أين نحن اليوم من الثورة الصناعية الأولى والثانية والثالثة، وحاليًا نعيش أواخر الثورة الصناعية الرابعة وعلى أبواب الثورة الصناعية الخامسة؟

* عندما تسأل نفسك كيف كنت وكيف أصبحت خلال الفترة البسيطة المنصرمة من عمر الدول والشعوب (بداية الجائحة)، من حيث تحسن المعرفة والمهارة في استخدام التقنية في مختلف القطاعات وعلى مختلف المستويات في ظل وجود الجائحة؟

ستجد الجواب حتمًا أنَّ هناك تغيرا جيدا حصل في معارف ومهارات الأفراد، وكذلك في الخطط المستقبلية لدى الدول في مجال تعزيز استخدام التكنولوجيا؛ نتيجة ما فرضته جائحة كورونا (كوفيد 19) والجهود التي بذلت وما زالت تبذل على مستويات ومراحل مختلفة للتعامل مع هذه الجائحة في مختلف المجالات ومنها مجال التعليم.

وبناءً على ذلك، علينا جميعًا أن نعمل في إطار هذه النظرة الإشعاعية وعلى جميع المستويات الفردية والمؤسسية، وأن يكون لنا نظرة متعددة الزوايا نحو الأشخاص والمواقف والتجارب وغيرها؛ مما يعزز الإيجابية لدى الأفراد والمجتمعات والمؤسسات الحكومية والخاصة في عمليات البناء للوطن العزيز عُمان.

تعليق عبر الفيس بوك