شاي الفخار

سعيدة البرعمية

بخيط متصل يصل ليله بنهاره، أنهت وسن مكالمتها بعبارة "سلميلي على أتسلوم، يا الله كييه سنابها جنان"، ثم أخذت تنادي: إيمي، هل ذهب الأولاد للمدرسة؟ تجيب العاملة باستنكار: "نوه مدام كوفيد 19".

وبصمت مخنوق أخذ زوجها طريقه لعمله، متجها نحو الباب بسرعة فائقة متفاديا رائحة "الإندومي" التي تملأ المنزل، وصل أمام المقهى واتخذ لسيارته (بارك) إلى أن يجهز شاي الفخّار. وفي المنزل علا صوت وسن: "اصحوا، اصحوا، المنصة".

 

كِشْ ملك

أهدى الأبُّ ابنه عادل لعبة شطرنج بمناسبة تفوقه، أخذ يعرّفه على القطع وآلية تحريكها، صفَّ الفريقين أمامه وبدأ اللّعب، استماتت كلّ القطع في حضرة الملكين، وانجرف عادل مع تيار الدهشة، استعمرت ذهنه علامة استفهام كبيرة دون إجابة، بعد الانتهاء من الدرس في اليوم التالي، قال المعلم: هل من سؤال؟

عادل: لدي سؤال خارج الدرس

- تفضل

- هل الملك في لعبة الشطرنج هو الوطن؟ علت ضحكات ساخرة أرجاء القاعة!

نظرالمعلم لساعته قائلا: انتهى الوقت، المدير ينتظرني، أراكم غدا.

 

يُتم الرَّسائل

اقترب من النار المشعلة من قِبل صاحبه الذي نأى قليلا لجلب بعض الحطب، جلس أمامها، وهي تستعر ويأكل بعضها بعضا، اتخذ من عمقها مستقرا لحدّة نظره؛ بينما ظلّت أذنه صاغية لأحاديث صاحبه الآخر، الذي يتكئ على جذع شجرة، جاعلا ظهره جهة النار، ويتحدّث بكلمات تشبه تلك التي تكتبها "جودي أبت لصاحب الظلّ الطويل".

عاد مُشعلها، جالبا مزيدا من الحطب، وقد أنهكه التعب، سقط الحطب المتآكل وأخذ الشرر يتطاير منه؛ مُصدرا فرقعات مالبثت أن تلاشت في الهواء، وقف وأخذ ينفض ماعلق به من رماد قائلا: تأخزت على أمي.

 

بنادول

ناداه جده وبخفة لم يسبق لها مثيل، دقَّ مسمارا في رأسه وجذبه إليه بقوة كادت تصدع عظامه، قائلا: لا تنسَ نفسك. مضى بعيدا يهرول نحو سياجه، استعاد الحفيد قوامه، وانطلق إلى أترابه يلعب معهم، تحسس كلّ منهم مسماره بفخر، وعندما فتح نافذة الحياة ألمَّ به ألمُّ المسمار، فهبَّت في رأسه عاصفة، أحبطت كلّ محاولات البنادول.

تعليق عبر الفيس بوك