ادعوا لها بالشفاء...

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

الكتابة عنها تُشبه المستحيلات، فما كل ما نريد أن نكتبه يُكتب، وما كل شعور نشعر به يمكن أن نعبر عنه، هناك أحاسيس جميلة نرغب في قولها، لكننا لا نستطيع البوح بها خلال السطور، ولا تُحكى حتى بملامح الوجه؛ لأنَّ الشخص المقصود أكبر منها وأعلى شأنًا من كل الوصف الذي يمكن قوله، هي من الجيل الماضي وهي من الجيل الحاضر وهي الأم والوطن والحياة والطيبة "عمتي الغالية وأمي الثانية".

إنَّنا لا نشعر بالصحة إلا وقت المرض، ولا نشعر بقيمة الأم إلا حين يغيب عن البيت نوره وبهجته وضياؤه وإشراقته، يصبح البيت بعدها موحشًا ومظلمًا يكسوه الحزن والكآبة، فكيف إذا كانت هذه الأم هي أم أهل الحارة كلها، وهي العطوفة والرحيمة على الصغير والكبير، كيف لو كانت أم الفقراء والمساكين والمحتاجين، يشهد لها الجميع بالطيبة والرحمة والشفقة والعطف، كل من يجلس معها يشعر أنه ابنها وأنه الأقرب إليها، لا أتذكر يوما أنَّ أحدًا ذكرها بزلة أو أنها رفعت صوتها أو قطعت رحمًا أو أمرت بذلك، رغم ما يعمل بها وما يقال لها وما تسمعه من بعض الناس، إلا أنها تكظم الغيظ وتعفو عن الناس؛ مصداقا لقول العزيز العليم: "وَالكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)؛ فعاشت حياة هانئة داخليا وأظهرت للناس المعدن الجميل للإنسانية.

إنَّ الجميعَ يفقدك "عمتي وأمي الثانية"، بعد أنْ قدَّر الله لك أن تكوني خلال الأيام الماضية في العناية المركزة نتيجة خطأ في تناول الأدوية، أيام لم تنقطع الاتصالات والرسائل ليلا ونهارا للسؤال عنك وعن صحتك وعن تطورات العلاج، وهذا الحب الذي يكنه الناس لك نابع من حب الله لك، أو هكذا أحسبه ولا أزكي على الله أحدا، فقد قال النبي صل الله عليه وسلم: "إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض)، وقد كتب الله لك المحبة في قلوب الناس وشهدوا بذلك.

قلوب كل من يعرفك يا "عمتي" تدعو لك بالشفاء، وتتصدق عنك بنية الشفاء؛ فقد عرفوك بطيبتك وابتسامتك الصادقة الدائمة وبمحبتك للناس، إنني على أمل كبير بأن الأيام القادمة سوف تشهد تعافيك ورجوعك إلى بيتك الذي أظلم من بعدك وأصبح موحشا، وإلى أولادك وزوجك الذين يفدونك بأرواحهم، وإلى حارتك التي اشتاق كل مكان فيها لك، سوف تسعد قلوبنا برؤيتك وأنت ترفلين بالصحة والعافية بحول الله وإرادته وقدرته، الأمل بالله كبير، وبقدرة الله ثم بدعاء الصادقين والمخلصين سوف ترجعي يا عمتي إلى بيتك وأولادك وأهلك وسيفرح الجميع بعودتك.

ومن خلال هذا المنبر المبارك، أدعو كل من يمر على هذا المقال بالدعاء لها بالصحة والعافية والبركة في العمر، أدعو الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، بأن ينزل على عمتي الغالية وعلى جميع مرضى المسلمين الصحة والعافية، اللهم رب الناس اذهب البأس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، اللهم شفاءً لا يغادر سقما، اللهم اشفِ جميع مرضى المسلمين، خطاك الشر (أم قيس)، ودمتم ودامت عُمان بخير.