الشباب.. شجرة تظلنا يوم نكبر

إسماعيل بن شهاب البلوشي

لا يُمكن لأي إنسان على وجه الأرض أن يقلل من إنجازات الوطن وفي كل المجالات، وأن عُمان -بفضلٍ من الله وقيادتها الرشيدة- أصبحت اليوم يُشار إليها بالبنان على كل المستويات، ولكنَّني أنطلق دوماً من هذا التساؤل، واضعاً الاسم الأعلى "عُمان": هل لديها أكثر؟ وهل هناك الأفضل؟

إجابتي دوماً واقتناعي ودون أي ترددٍ أو شك هو أنه "نعم"؛ لذلك أكتب، ونعم إنَّ ثقتي مطلقة في أنَّ عُمان تزخر بالكثير الكثير، وتملك من المقومات المادية وغير المادية ما لم نصل إلى عمقه بعيداً إلى اليوم، والأهم من كل ذلك هو عظمة أبنائها، وعظيم حبهم لسلطانهم ووطنهم، والذي من أهم ما يمكن أن يُساير كل ذلك المستوى هو رفع سقف الطموح إلى أبعد بكثير مما هو عليه اليوم؛ من خلال توجيه فكري علمي فلسفي، نكون من خلاله في المستوى الذي نريد، بل المستحق وبجدارة.

وفي هذه العجالة، أُعِيد التساؤل مرة أخرى: هل استقطاب الفكر والمواهب الشابة على مستوى الوطن هو في أحسن حال؟ وهل يسير وفقاً لخطط مدروسة وُضِعت لها الحسابات المناسبة والأرض الخصبة تماماً كما يمكن لهذه المواهب، وتبنيها وتوجيهها كما هو مُؤمل من عطائها وقطف ثمارها نضرة يوماً؟!

الوطن به تنوع فكري يعد من أفضل ما يفخر به أي وطنٍ على مستوى العالم، وأنَّ للوطن عمقاً حضارياً وتاريخياً كـأروع ما يكون في أوطان الدنيا، ولو أننا أخذنا الرماية مثالاً وراجعنا السجل العالمي الرسمي للميداليات والإنجازات؛ فسنجد اسم عمان حاضرا، وأن هناك أسماءً شرّفت الوطن وحصلت على نتائج طيبة تستحق الاقتداء. لكن وبما أن عمان وحب أهلها وتمرسهم على استخدام السلاح، فهل نكتفي ونقف عند تلك النتائج، خاصة إذا تذكرنا السلاح -والبندقية تحديداً- وعلاقتها بالعماني، فإنها تحتاج إلى مجلدات ومكانةً خاصة لا يعلو عليها شيء، غير أنني أكتفي اليوم بأن أذكرُ أنه وفي الزمان القديم كانت شهادة الميلاد والتعريف الرسمي بعمر الإنسان العماني وبدايته في معترك الحياة هو ذلك التاريخ المحدد لاقتناء البندقية، وعندما يصف أي إنسانٍ أي حدث ما، وبذكر نفسه يقول يومها كنت قد تسلّحت منذ عام أو عامين.

ولقد كان العماني وقبل حمل السلاح يحمل مصوّغةً فضية تعلق على الظهر بها البارود الاحتياطي يلحق بها منهم أكبر سناً منه؛ لأن ما يسمى ببندقية الرومي وأبوفتيلة يحتاج إلى كمية كبيرة من البارود. أما في الحضور الرسمي في المجالس، فإنها لا تنقضي دون أن يسأل واحد من كبار السن عن البندقية التي يحملها أي شاب، بل ويقوم بفحصها، وكم هو عمرها من خلال اختبارات معينة. وفيما يخص منافسات التصويب؛ فإن قصص ذلك تذهب إلى حد الخيال. أما إذا قدر لشخص ما لقاء السلطان أو شخصية مهمة، فإن أعظم طلب وأكبر أمنية تتمثل في الحصول على بندقية، وكم من الشِّعر والأمثال تغنَّى بها رجال عُمان تيهاً في السلاح. نعم إنَّ للبندقية في الزمن الغابر والحاضر مكانةً خاصة عند العماني، لذلك فإنه علينا أنْ ننطلق ونبني من خلال هذه العلاقة مجداً مستحقاً لعمان في المحافل الدولية، وأرى أننا قادرون على ذلك من خلال تبني برنامج استقطاب وفهم وطني شامل في توجهات الشباب والوصول إليهم في مناطقهم وتنمية مواهبهم، وأن يكون التكريم والعطاء على نتائج وحضور لكل من له هواية في هذا الجانب، وتحديد المشاركات والتكريم على النتائج الدولية المسجل حضورها والمعترف به عالميًّا فقط.

الأمر الآخر هو شباب الابتكار والبحوث، وشخصيًّا أنا على اطلاع كبير بشباب عماني يحمل فكراً إبداعيا، لو أنه تمَّ تبني أفكارهم ووجدوا الأرضية المناسبة والفهم والقبول، لكان للكثير من أفكارهم وجود فعلي وبصمة واضحة على مستوى العالم.