من يستمع لأنينهم؟!

 

د . خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

تضج وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مُستمر بصرخات استغاثة من بعض المواطنين وحتى بعض المقيمين في السلطنة نتيجة الظروف الصعبة التي يمرون بها، فلا يكاد يوم لا نسمع عن صرخة من هنا وصرخة من هناك، مع صمت مطبق من المؤسسات المعنية، هذه الصرخات تنطلق قبل تطبيق عدد من إجراءات التوازن المالي التي أقرتها الجهات المختصة.

وإذا كانت هذه الصرخات والأنين المتواصل تأتي قبل أشهر أو أيام بسيطة من تطبيق عدد من الإجراءات الحكومية الهادفة حسب القائمين عليها لتحقيق "التوازن المالي"، فما بالك بعد تطبيق هذه الإجراءات. الناس تشكو وتتوجع من ارتفاع فواتير الكهرباء والماء، بينما الإجراء القادم هو رفع الدعم عن هذه القطاعات الحيوية والمهمة تدريجيًا، كما إن أصحاب الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر من الشباب العماني الطموح لا يزال يُعاني من تداعيات فيروس كورونا، مع تراكم الديون عليه، فيما تضج المحاكم- وربما السجون- بقضايا الشيكات المرتجعة وعدم دفع الإيجارات المتراكمة وحالهم يقول "من وين أدفع؟". ومع هذا تأتي القرارات الجديدة على كاهله لتؤثر عليه تأثيراً مباشراً وغير مباشر، وليس ببعيد عنهم ذلك الشاب الذي يعيل أسرة وقد سُرِّح من العمل وينتظر الفرج في الحصول على وظيفة أخرى، يسد بها حاجة عائلته، وقد كثرت صرخاته وزاد أنينه.

هؤلاء ينتظرون بعد أقل من شهر تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع تسعيرة الكهرباء والماء وغيرها، بينما نرى شاباً جامعياً تخرج منذ سنوات، يجمع هموم هؤلاء جميعاً؛ فهو يعيش في وضع صعب، فلا وظائف تناسب شهادته وتخصصه الذي أحبه وتعب الليل والنهار ليُحقق حلمه، وعليه أن يقبل بأيِّ وظيفة وبأي راتب حتى لو كان 325 ريالا!! فقد قال المسؤولون إنها تكفي للحياة، ولعلهم جربوا ذلك! ومع هذا وذاك، يأتي الموظف المسكين الذي أكمل أكثر من 10 سنوات بلا ترقية ولا حافز ولا تعزيز، وعدد من الموظفين الذين يرونهم يعيشون في رغد من العيش سوف يتم استقطاع رواتبهم الشهر المقبل، دون النظر إلى تأثير ذلك عليهم من ناحية الديون وزيادة التكاليف مع ارتفاع الأسعار كل يوم. وغيرهم كُثُر يشعرون بالأسى ولا يتحدثون ولا يصرخون ولا يُعبرون عما يعانون منه، إنهم المتعففون الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا".

هناك فئات كثيرة متضررة وتعاني من ويلات كورونا، ثم نجد قرارات جديدة تزيد المتاعب الاقتصادية عليهم، والخوف كل الخوف أن تندثر أعداد كبيرة من الطبقة المتوسطة، ولن يكون في المجتمع سوى فئتين فقط: فئة فقيرة وفئة غنية.

على الجهات المعنية أن تحاول تخفيف الضغوط على المواطن، لاسيما المواطن محدود الدخل، وأصحاب الدخول الثابتة من الموظفين والعاملين في القطاع الخاص، نريد إعادة الابتسامة والأمل والتفاؤل لدى مختلف شرائح المجتمع، فالقرارات جاءت في توقيت صعب على المواطن الذي لا يعرف كيف ينقذ نفسه من ويلات كورونا، وكلنا أمل أن تلتفت الحكومة إلى حديث الناس في الشارع، وهذا ليس بغريب على حكومة تعمل ليل نهار من أجل راحة المواطن، فهكذا اعتدنا في عُمان.. لكن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحاً من ذي قبل للتعجيل بتحرك يخفف معاناة المواطنين..

ودمتم ودامت عمان بخير...