سياسة العصا والجزرة مع العامل

خالد الميمني

الخلاف أمر وارد ولايُمكن تجنب حدوثه في أي بيئة، وهناك درجات وتفاوت فيه. ومن غير اللائق عدم الإنصات إلى الآخرين ومنعهم من الحصول على ما يسعون إليه.

لذا يُعتبر الاستماع إلى الطرف الآخر في غاية الأهمية لمعرفة وجهات النظر المُختلفة، خصوصاً في بيئة العمل وداخل المؤسسات كونه أمرا صحيا ومفيداً. لكن تجد من لا يتقبله وتكاد هذه الخصلة تكون مفقودة لديهم!

في الواقع هناك جزء من الموظفين والعمال الذين يعانون من بعض المسؤولين في عدم الاستماع إليهم أو سوء التصرف في حال الخلافات. فمجرد الاختلاف أو عدم تأييد لقرار مُعين - والذي قد يكون أقرب إلى المزاجية- نلاحظ المسألة تتجه نحو الشخصنة!! فعندها تستخدم سياسة العصا والجزرة مع كل من لم يتجاوب. فأمثال هؤلاء المسؤولين يسعون إلى إلحاق الأذى بالمُوظف قدر المستطاع، فيبدأ مسلسل الملاحقة وتتبع الأخطاء وصولاً إلى منحنى حاد ومُظلم حتى يصعبوا عليهم النَّظر فيما جاء في أحكام قانون العمل، وعدم مُراعاة القرارات الوزارية أو الداخلية للمؤسسة.

وزارة العمل خصصت تطبيقاً وموقعا إلكترونيا خاصا لتلقي الشكاوى العمالية لتسهيل عملية استقبال البلاغات، والأرقام تشير إلى تصاعد في عدد الشكاوى العمالية المقدمة. ففي عام 2019 بلغ عددها 14240 وتمت تسوية 6934 شكوى، بينما تمت إحالة 4513 إلى المحكمة المختصة. وفي خلال شهر واحد من العام المنصرم بلغ عدد الشكاوى المقدمة 816، ناهيك عن المخالفات التي لم تسجل أو لم تصل إلى مديرية الرعاية العمالية خشية الوصول إلى ذلك المنحى المظلم!!

هناك خلل إداري في بعض المؤسسات والمسألة تحتاج إلى معالجة صادقة وسليمة من المعنيين لتصحيح المسار، كما أنَّ الوقائع والمناشدات عبر منصات التواصل الاجتماعي توضح بالفعل أن البعض يُعاني من هذه المسألة. هنا يأتي دور قسم علاقات الموظفين أو الموارد البشرية لاحتواء المشكلة، بدءاً من كتابة المسؤوليات الوظيفية بوضوح، والتأكد من متابعة سير العمل حسب بيانات تصف المهام والمسؤوليات.. إلخ.

إن تطابق اللوائح الداخلية مع قوانين العمل العماني والامتثال به يساهم كثيراً في التغلب على العقبات، خصوصاً مع وجود أشخاص محترفين في الموارد البشرية.

وغالباً ما تفتقد المؤسسات الصغيرة لهذه الفئة وتنحصر مسؤولية علاقات الموظفين على بضعة أشخاص مجتهدين يحاولون الالتفاف على الموظفين والتضييق عليهم.

من الأسى أن نجد بعضاً ممن يمثلون قسم علاقات الموظفين أو الموارد البشرية يقفون بجانب المسؤولين ضد الموظف بشكل مُباشر أو غير مباشر خصوصاً في المؤسسات الصغيرة. ليصبح الموظف هو الحلقة الأضعف في الخلاف وتصدر في حقه الإجراءات الظالمة والتعسفية أحياناً. من هنا تبدأ عملية هبوط الأداء وقلة الإنتاجية، الأمر الذي سيُؤثر على سير العمل بشكل مُباشر.

وبعدها تبدأ مُعاناة الموظف، وتتكالب عليه القرارات من التهميش أو التطفيش. كما أن عملية مراقبة الحضور والانصراف سيكون لها نصيب وافر، وربما لن يسلم من النقل إلى بيئة غير مُناسبة مما سيضطره في النهاية إلى تقديم الاستقالة.

عليه، يستحسن التركيز على إيجابيات الموظف بدلاً من سلبياته لتقليل الإحباطات وكسب الولاء للمهنة أو المؤسسة، كما أن تطوير علاقات الموظفين بالمسؤولين يكسر كثيراً من الحواجز ويخلق بيئة عمل جيدة، مريحة وأكثر إنتاجية.

ويحبذ التعلم من الأخطاء ومراجعة الوقائع السابقة لسد الثغرات القانونية لتجنب تكرارها. وننصح بزرع الرقابة الذاتية لما فيها من نتائج إيجابية على العمل.

كما أن الإلمام بالقوانين ومعرفة التعديلات والإضافات يحمي حقوق الموظفين والمؤسسات على حد سواء، ونثمن خطوة وزارة العمل حول إستحداث قانون تبسيط إجراءات التقاضي مع رسم خارطة طريق واضحة لذلك. لاسيما عند دخول القانون حيز التنفيذ، الأمر الذي سيسرع الكثير في ملفات النزاع العمالي، ويُعزز فتح ملفات التنفيذ لإنهاء النزاعات بشكل سريع وفعال.

تعليق عبر الفيس بوك