د. خالد بن علي الخوالدي
جرت العادة في تخصيص يوم من أيام العام للاحتفال بمناسبة معينة كيوم المرأة ويوم الشباب ويوم القوات المسلحة ويوم الشرطة ويوم الصناعة ويوم الشجرة...وغيرها من الأيام التي نحتفل بها كتخليد وذكرى، ومن أهم الأيام وأجلها وأغلاها، والتي يجب أن لا تمر علينا مرور الكرام، هو يوم المعلم العماني، الذي يوافق يوم 24 من فبراير من كل عام؛ حيث تحتفل السلطنة بهذا اليوم رغم وجود يوم المعلم العالمي الذي يتم الاحتفال به في الخامس من أكتوبر، وهذا يدلُّ دلالةً واضحةً على المكانة العظيمة التي يحظى بها المعلم في السلطنة.
وتخصيصُ السلطنة هذا اليوم هو تكريم وتقدير للمكانة العظيمة التي يحظى بها المعلم العماني من بين كل المهن والوظائف، ويستحق المعلم الاهتمام والرعاية والتكريم لما يقوم به من دور كبير في بناء أعمدة راسخة لعمان أساسها العلم والتعليم، فلولا المعلم لما رأينا هذا التطور والتقدم والازدهار الذي نعيشه اليوم، ولعشنا في الظلام الدامس والجهل.
إنَّ يوم 24 فبراير هو يوم وطني بامتياز، ومن أهم أيام عمان الخالدة، ومفخرة لكل معلم عُماني أن يكون له يوم يحتفل به ويتم تكريمه، وإنْ كان كل ما نقوم به تجاهه لا يوفيه حقه من التكريم، فمهما قدَّمنا له نظل مقصرين ولا نصل إلى مستوى ما قدم لهذا الوطن الغالي، ومع تكريمنا المتواضع له فقد شرف بالتكريم الرباني بأن أصبح الرسول الذي يبلغ الناس العلم والهداية والصلاح والنور، فقد قال الله تعالى: "ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" (البقرة: 129)، ويكفيه أنه يسير على نهج المعلم الأول حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
نحن نحتفلُ اليوم بيوم المعلم، نستشعر المكانة العظيمة للمعلم المخلص والصادق، ونتذكر الأيام الأولى لنا في الصفوف الدراسية وحجم المشقة والتعب والجهد الذي بذل من قبل المعلمين والهيئات الإدارية لنكون اليوم على ما نحن عليه من علم وثقافة ونور، ولولا هذا الجهد المبارك لما رأينا الطبيب ولا المهندس ولا الصحفي ولا الطيار ولا الوزير ولا الوكيل ولا الدبلوماسي والسياسي... ولا غيرهم من الملتحقين بالمهن والوظائف والأعمال التي تتقدم بهم الدولة وتعتمد عليهم في أدائها.
حريٌّ بنا ونحن نحتفل بهذا اليوم العظيم أن نجعل هذا اليوم يوم إجازة وطنية تكريما للمعلم ومكانته العظيمة، يوم يتمُّ الاحتفال به في جميع ربوع السلطنة وفي وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، يوم نُشعِر فيه الجيل الجديد بالدور الكبير الذي يقوم به المعلم، ونرسِّخ في ذهن الناشئة احترامنا وتقديرنا للمكانة المرموقة التي يجب أن يكون عليها المعلم، كما على المعلمين أن يحتفلوا بهذه المناسبة الغالية من خلال إنشاء جمعية للمعلمين على غرار جمعية الصحفيين وجمعية المحامين وجمعية المهندسين؛ فهم أولى بمثل هذه الجمعيات التي يمكن إن تسهم في تكاتف الجهود وتعزيز العملية التعليمية في السلطنة ومعالجة العديد من التحديات والصعوبات التي تواجه المعلم، وإن تأخر أمر إنشاء جمعية المعلمين طوال السنوات الماضية فالمجال متاح اليوم لإقامة كيان يضم المعلمين تحت سقف واحد، تناقش فيه تطلعاتهم وآمالهم وطموحاتهم، وتتذلل تحت هذا السقف الصعوبات والمصاعب والتحديات.
كل عام وكل مُعلِّمي عُمان بخير وصحة وعافية، كل عام وأنتم للعطاء عنوانًا وللتقدم والتطور برهانًا، كل عام وأنتم الشعلة التي تُضيء لنا الكون، وتقدم لنا العلم والنور والأمل، كل عام وعُماننا بكم تسمو وتتقدم وتتطور، كل عام ونهضتنا العمانية بكم تعلو نحو مراتب العلو والرقي والسؤدد.. دمتم ودامت عمان بخير.