عدائية الطفل.. من المسؤول عنها؟

 

رحمة بنت منصور الحارثية **

**أخصائية نفسية 

 

العدوان ميل ونزعة هجوم من الفرد على ذاته أو غيره لإلحاق الضرر وفرض السيطرة. يأخذ أشكالا لفظية أو بدنية؛ كالغضب والكراهية والحقد، سواء ظاهراً أو خفياً.

والسلوك العدواني استجابة لمشاعر داخلية كالنظرة الدونية للذات نتيجة للإحباط والحرمان وعدم التكيف، مثلما يتكرر عند الطفل شعور بأخذ لعبة طفل آخر وينتزعها بقوة ويدعي أنَّها له، وأيضاً إبداء ردات فعل متنوعة كالضرب والشتم والإكراه والتهديد والإيذاء والانتقام والاحتجاج والشكوى وافتعال المشاكل واستبعاد طفل من اللعب، والسيطرة والتحكم، والتعدي، والتخريب، والغيرة.

ومن صفات الطفل العدائي: التمركز على الذات، والسلوك القهري، ولفت الانتباه، والإحباط، والتأثر بمشاهد العنف، ومن أسباب السلوك العدائي غياب أو وفاة الأب، وعدم وجود قدوة، والتقليد، وتدني المستوى الدراسي، وعدم المشاركة بالأنشطة الجماعية، وصعوبة تكوين علاقات اجتماعية، والجدال، ورفض سلطة الأهل والمدرسة، والتحدي، والمخالفة، ولوم الآخرين، وعدم تحمل المسؤولية.

والتصرف العدائي لا يقتصر على بيئة واحدة، لكن كيف يمكن ملاحظة أن هذا الطفل يتصرف بعدائية؟

إن عالم الأطفال تتخلله أنواع من العراك سواء مع الإخوة أو الزملاء، إلا أنَّ حدة العراك تختلف. وأسباب العدوان ترجع لعوامل شخصية واجتماعية، منها الخوف، والمشاكل الأسرية، والطلاق، وتغيير بيئة المنزل أو المدرسة، ومرض أحد أفراد الأسرة، والشعور بالعجز، ومشاكل مرتبطة بالجهاز العصبي، والعنف، والصدمة العاطفية، والتحرش، والتنمر، والعقاب المتكرر، والاحتقار والسخرية، وإثبات الطفل ذاته بطريقة خطأ، والقلق، والغيرة، والتفرقة أو المقارنة، ومدح السلوك العدواني كقوة، وتجاهل الطفل عاطفياً وجسدياً، وعدم الشعور بالأمان، والتهميش، وتكليفه بمهام فوق طاقته الجسدية والنفسية، وشعوره بالعجز والفشل الذي يدفعه للإحباط، والمشاعر المكبوتة، والتدليل السلبي، والقمع.

وردة فعل الوالدين في الأغلب تكون سريعة، مثل: الغضب، وصعوبة التعامل بالموقف، والصدمة، والتوبيخ، ولوم أحد الوالدين الآخر.

وتتعدد الأسباب والعوامل لوصول الطفل للعدائية، ففي لحظة العدائية لابُد من التعامل بطريقة صحيحة تجنبًا لوصول الحال لدرجة صعبة. والطفل لا يدرك ما تصل إليه تصرفاته وما يترتب عليها من آثار. ويتطلب من الوالدين في أي موقف عدائي أن يتصرفوا بحكمة وصبر؛ فلا وقت لصب جام الغضب على الطفل أو أن يلوما بعضهما أو يتحسرا على كيفية وصول طفلهم لهكذا سلوك.

وثمة وقت يتطلب معالجة الوضع لا مفاقمته، فالأطفال يولدون على الفطرة، وكل ثانية من أعمارهم تضيف إليهم علماً ومعرفة.

إنَّ تربية الأطفال على الرغم من صعوبتها، إلا أنها لا تخلو من جمالية، فلا بُد من تعديل سلوك الطفل حتى لا يصبح طبعاً يحمله معه لمراحل متقدمة ويعاني المجتمع بأسره.

تعليق عبر الفيس بوك