وماذا بعد حريق الوادي الكبير؟

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

لا يجب أن يمر حريق صناعية الوادي الكبير، والحرائق التي تبعته في أماكن متفرقة من العاصمة مسقط، مرور الكرام، والحالة نفسها تنطبق على الحرائق التي حدثت في مختلف المحافظات باختلاف المسببات، ولنتصور هنا ولو لبُرهة أن حريق صناعية الوادي الكبير حدث في صناعية أخرى لا تتمتع بالدعم اللوجستي السريع من قبل مركز هيئة الدفاع المدني والإسعاف، كيف سيكون الوضع يا تُرى؟ هذا بالطبع في ظل عشوائية هذه المناطق وانعدام التنظيم والرقابة عليها.

قد يتحدث البعض أنَّ الحرائق التي جرت مؤخرا ربما تكون عرضية وعادية بحكم أنها لا تحصل بشكل دائم، ولكنَّ حدوثها فتح الأعين على مقلتيها بضرورة الانتباه لما يحصل في المناطق الصناعية وما يدور من جانب العمالة الوافدة؛ فهناك يكمن الخلل في عدم التقيد باشتراطات السلامة والأمن التي وضعتها الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف؛ ومنها تخزين المواد القابلة للاشتعال مثل الزيوت ومشتقاتها في أماكن غير مُهيَّأة لحفظ مثل هذه الأنواع الخطرة، وهذا ما حصل في حريق صناعية الوادي الكبير الهائل في حجمه، الفادح في خسائره المادية، حينما أسهم مصنع الزيوت الكائن في نفس المنطقة في تأجيج الحريق وزيادة قوته، ولولا لُطف الله وجهود الإطفائيين البواسل من هيئة الدفاع المدني في إخماده؛ فلربما حصل ما لا تحمد عقباه، ووصل للمناطق السكنية وما هي عنه ببعيد، وهذه أيضا مشكلة أخرى تتعلق بقرب بعض المناطق الصناعية من الأحياء السكنية، وهذا ما يُمثل خطرا جسيما فلا يهم إن جاءت المساكن أولاً أم المنطقة الصناعية، وكان من المفترض مراعاة هذا النقطة في تخطيط المناطق الصناعية وإيجاد الحلول الناجعة إن كانت ثمة مناطق صناعية قائمة حاليًا قريبة من الأحياء السكنية، مع الأخذ بالاعتبار إعادة تنظيم وهيكلة المناطق الصناعية الحالية مثل صناعية الوادي الكبير وغيرها من المناطق الصناعية.

إنَّ إعادة تخطيط المناطق الصناعية بات حتميًّا ومطلبًا ضروريًّا، والحريق الذي اجتاح صناعية الوادي الكبير لهو أقرب مثال؛ فمن الملاحظ أن التخطيط معدوم لدى المناطق الصناعية، وأضرب مثالاً بصناعية ولاية العامرات، فهي بلا تأهيل ولا تخطيط؛ حيث التوزيع العشوائي للمحلات باختلاف أنشطتها مع بعضها البعض، والطرقات الواصلة فيما بينها البعض منها بحاجة لتأهيل؟! والحالة نفسها تنطبق على المناطق الصناعية الواقعة في المحافظات الأخرى.

الواقع يُشير إلى أنَّ لدينا سجلاً سابقًا في التأخر بتنظيم المناطق الصناعية، وأعتقد أن الكثير منا يتذكر موضوع إعادة تخطيط منطقة غلا الصناعية، والذي سمعنا عنه منذ أكثر من عشرين عاماً... أين وصل؟؟؟ أمَا آن الآوان ليظهر للنور، أم أن حدوث كارثة أخرى لا قدَّر الله قد تحرك المياه الراكدة؟!

كذلك لا يجب أن نغفل عن الأنشطة التجارية الأخرى التي يكون تعاملها مع الكهرباء بشكل مباشر؛ مثل: اللوحات الإعلانية في الشوارع والمطاعم والمقاهي...وغيرها؛ فمن الضروري التأكد من قبل أصحاب تلكم المنشآت القيام بالصيانة الكهربائية المطلوبة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة، كما أرجو التشديد من جانب الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف في ضرورة تطبيق الإجراءات والاشتراطات المرتبطة بالصحة والسلامة؛ فهذا جانب لا يقبل التهاون والتراخي، بل وتنفيذ أشد العقوبات لكل المخالفين دون استثناء أضف إلى ذلك القيام بالمراقبة الدورية المفاجئة والتي من شأنها أن تكشف المستور وتوضِّح الحقائق دون زيف أو تلميع.

الروح غالية.. إنْ ذهبت لا تعود؛ فلنحرص عليها. نسأل الله السلامة للجميع.