لماذا يتحمل المواطن أخطاء المؤسسات؟!

خالد الميمني

التغيير هو سنة مسلم بها في حياة الإنسان، فلا تظل الأمور على حالها، فهي مستمرة في التغيير الدائم، فالتغييرات تشمل الجميع سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي أو الحكومي .لذا يتوجب تغيير المفاهيم وتجديد الفكر خصوصاً للعقول التي تدير شؤون الآخرين. قد نتفق على أنَّ البدايات ليست عادة مقاييس حقيقة لأيِّ شيء، لكن المُؤشرات هي التى قد تُساعد في معرفة تلك التغيرات سواء كانت إيجاباً أو سلباً.

مع بداية العهد الجديد والتغيرات التي واكبت النَّهضة المتجددة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - من إعادة هيكلة الحكومة وما رافقها من تعديل في بعض قوانين المؤسسات الحكومية بغية الإصلاح وإرساء قواعد المساواة وتطبيق سياسة المساءلة والمحاسبة لتحقيق العدالة ومن ثم الرخاء للمواطن. فهذه التغيرات تعد خطوة جيدة إذا ما تمَّ تنفيذها بشكلها الصحيح كما ورد في النظام الأساسي للدولة، فالجميع سواسية أمام القانون.

إدراج الصف الثاني والثالث من قيادات المؤسسات ضمن التغييرات، قد يُساهم كثيراً في عملية التغيير الإيجابي والإصلاحي.

نتفهم تماماً صعوبة الموقف لتغيير فكر مُعين عشش لخدمة مصالح شخصية غرست لسنوات طويلة في تلك المؤسسات بالرغم من محاولات بعض الغيورين مُكافحتها.

المتابع للشأن الداخلي يعلم مدى كلفة الفاتورة الباهظة التي يتحملها الوطن بشكل مُباشر، ويساهم فيها المواطن بشكل غير مُباشر بسبب التجاوزات والاستحواذات على خيرات البلد، مع وجود أخطاء وإخفاقات في عدة مجالات من القائمين على إدارة هذه المؤسسات؛ فالخسائر بمليارات الريالات والاختلاسات بالملايين، وما خفي أعظم!!

أصبح المواطن البسيط يعاني من اضطرابات حادة في جيبه بسبب غلاء المعيشة، وفرض الضرائب لسد العجز المالي بسبب الأزمة الاقتصادية، وجميع هذه العوامل تنعكس بشكل مُباشر على حياته اليومية سلباً وتعمل على خلق أرضية هشة تعيق المضي قدماً في خططه المستقبلية مع خشيته من إمكانية تحقيق الرفاه والحماية الاجتماعية.

إلا إذا ارتأت الحكومة الإسراع في العمل بما جاء في النظام الأساسي للدولة، وفتح ملفات المحاسبة ومراجعة أسباب الإخفاقات والخسائر، عندها ستبدأ عملية عودة الأمل في تحسن الأوضاع المعيشية، ويا حبذا لو أجريت مراجعة لزيادة الرواتب بما يضمن خلق نوع من التوازن مع الضرائب.

البوادر والمؤشرات الأولية الحالية مُبشرة، ويظهر ذلك من خلال قرار دمج بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية لتقليل نفقات التشغيل، بالإضافة إلى مراجعة المصروفات وإيقاف بعض الامتيازات والرفاهية لكبار المسؤولين والقيادات العُليا للمؤسسات الحكومية التي كانت تستنزف ملايين ريالات رغم عدم ربحية وإنتاجية هذه المؤسسات! والدليل على ذلك هو اللجوء إلى جيب المواطن الفقير في الأزمات!

أما عن أداء ونهج بعض المؤسسات الحكومية فحدث ولا حرج! فهي تعتمد في تقديم خدماتها على الطريقة التقليدية الكلاسيكية التي عفا عليها الزمن والتي هي أقرب الى إسداء معروف للمواطن- رغم عدم مجانية الخدمات- عوضاً عن التفاني والإبداع في خدمته! كما أن بعضها لا يتماشى مع مؤشرات الحوكمة العالمية وبها تضعف الشراكة بين الحكومة والفرد.

نشيد برؤية 2040 ونأمل من خلالها تحقيق النجاح المُنتظر، ومن ناحية أخرى يجب ألا ننسى مُتابعة الخطط المتوسطة المدى في شتى المجالات فهي الأقرب زمنياً للتنفيذ وتعتبر مؤشر نجاح للخُطط طويلة الأمد.

نُدرك أنَّ هناك ملفات ساخنة وتحديات كبيرة تواجه الوطن والمواطن، فمشكلة الباحثين عن العمل من الأولويات الضاغطة، لذا استدعى الأمر تغيير نهج المُعالجة، ونثمن خطوة وزارة العمل في عقد مؤتمر صحفي تُعلن من خلاله السياسات المرسومة والإفصاح عن خطتها للمضي قدماً في حل هذه المسألة التي تؤرق جل دول العالم. فالكل يطمح في تحقيق ما جاء في عرض خطة الوزارة المرئي، وننتظر العمل بشفافية أكبر مع وجود مؤشرات الأداء لضمان تنفيذها الحسن مع نشر الأرقام والتقارير التي ستحقق الأهداف السنوية الموضوعة. كما نأمل التركيز على جودة العمل، والسعي الدائم لتحسين الأداء مع التقييم والتصويب العاجل للأخطاء -إن وجدت- والبعد عن البهرجة والتشويق الإعلامي البعيد عن الواقع الملموس.

تعليق عبر الفيس بوك