مستقبل جودة التعليم المدرسي

 

سلطان بن سالم العيسائي

sultan52053@gmail.com

 

جاء المرسوم السُّلطاني رقم 9/ 2021 بتعديل مُسمى "الهيئة العُمانية للاعتماد الأكاديمي" إلى "الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم" بمثابة تغيُر نوعي إيجابي بغرض ضمان جودة التعليم المدرسي وبعد المدرسي الحكومي والخاص؛ حيث إنَّ الهيئة بمسماها الجديد هي الجهة التي ستشرف على وضع الأنظمة والمعايير والإجراءات الخاصة بضمان جودة التعليم المدرسي، كما أشارت إليها المادة السابعة من المرسوم السلطاني، وكذلك المادة التاسعة من المرسوم التي أشارت إلى نقل موظفي المديرية العامة لتقييم المدارس بوزارة التربية والتعليم إلى الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم.

وضمان جودة التعليم هو مفهوم واسع، وتختلف وجهات النظر حول هذا المفهوم، إلا أنَّ الجميع يتفق أن هذا المفهوم يركز على جميع الأنشطة والإجراءات والعمليات للتأكد ولقياس امتثال النظام التعليمي للمواصفات أو المعايير المطلوبة، وهذه العمليات والوسائل والتدابير ستُمكن الجهة المشرفة على النظام التعليمي من قياس جودة التعليم وإظهار أوجه القصور واتخاذ اللازم لتطوير وتحسين الأداء، وهو صمام أمان لضمان جودة المخرجات التعليمية، والتحسين المستمر في أداء المؤسسات التعليمية يضمن لنا ضمان جودة التعليم وتطبيق المعايير والمواصفات القياسية المتوقعة.

 ولا نبالغ إذا قلنا إنَّ مستقبل التعليم المدرسي الحكومي والخاص في السلطنة مرتبط بما ستطرحه الهيئة من معايير وضوابط، لتبدأ مرحلة جديدة ورهان جديد، لذا من المتوقع أن تبدأ وزارة التربية والتعليم بعملية تقييم شاملة ومتكاملة وإعادة تنظيم لكل عناصر العملية التعليمية (المعلم، الطالب، المنهج الدراسي، البيئة المدرسية، إدارة المدرسة)، وأن تبادر لتركيز الجهود وتبادل الخبرات مع الدول التي سبقتها في هذا المجال، وأن تُواكب التغييرات والتطور المعرفي لتغدو مدارس السلطنة من نماذج مدرسة المستقبلFuture School  وهو ذلك النوع من المدارس التي تقوم على تشجيع التعلم الذاتي وإتاحة الفرصة للطلاب للاتصال بمصادر التعلم (العالمية والمحلية)، وبناء المتعلمين بناءً شاملاً يقوم على تطوير أساليب التفكير لديهم وتطوير البنية الإدارية والتقنية والتعليمية للمدرسة، وإعداد المعلم وصقله بالمهارات اللازمة وتمكينه من الاستجابة بكفاءة لما يستجد من أساليب ومعارف ليتماشى مع مدرسة المستقبل.

ومن الجوانب التي ينبغي أن تراعيها "الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم" بشأن تطبيق معايير التقييم والضوابط لضمان جودة التعليم أن تبدأ بمرحلة تمهيدية واسعة يُتاح لها الكثير من الوقت؛ لبناء أرضية قوية ووضع أهداف استراتيجية بعيدة المدى، تبدأ من كسب وإقناع القياديين التربويين للمبادرة الفاعلة، وإعداد اللوائح والهياكل التنظيمية لفرق العمل، وتذليل المعوقات والصعوبات وتوفير الموارد الضرورية، وإشراك مُديري المدارس الحكومية والخاصة في رسم الخطط واختيار العمليات المطلوب تحسينها في المدرسة، ونشر التوعية الكافية بين الأوساط المدرسية بمفهوم ضمان جودة التعليم وما سيتعبه من إجراءات ضرورية.

كما أنَّ الزيارات الميدانية لاستطلاع الوضع الراهن، وتوفير وتزويد المعنيين بالمعلومات الكافية عن خطط واستراتيجيات العمل لضمان جودة التعليم المدرسي، وتحديد الجهات الإشرافية على التطبيق، والعمل المستمر على توليد الثقافة المنشودة التي تؤدي إلى التغيير وتعزيز الجودة، هي مراحل تمهيدية أولية وضرورية، يتبعها بمنح المدارس الوقت الكافي للقيام بعملية تقييم ذاتي يتضح من خلالها نقاط القوة والضعف وأن تبادر "الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم" بتقديم التغذية الراجعة الإيجابية حتى يتسنى لها البدء بمرحلة تقييم دقيقة للمدارس الحكومية والخاصة، وتُعطي مؤشرات عن وضع هذه المدارس، ومدى التزامها بإجراءات ضمان جودة التعليم.

وينظر أولياء الأمور والمجتمع المدني بنظرة تفاؤل حول مستقبل التعليم المدرسي بالسلطنة، في ضوء ما سيصدر من قرارات وإجراءات من قِبل "الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم" باعتبارها جهة تقييم ومتابعة محايدة، تحمل على عاتقها مسؤولية ضمان جودة التعليم والحرص على تجويد مخرجاته وفق المعايير العالمية الحديثة.

تعليق عبر الفيس بوك