قراءة في قانون مجلس عمان

 

سلطان بن جمعة الفارسي

باحث دكتوراة في القانون العام

 

صدر النظام الأساسي للدولة بموجب المرسوم السلطاني رقم (6/2021) متضمناً الباب الخامس (مجلس عُمان) الذي يتكون من مجلس الدولة ومجلس الشورى، وما  يميّز هذا النظام الأساسي (الجديد) أنه قرر مجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية للسلطة التشريعية سواء فيما يتعلق بتكوين المجلسين وشروط العضوية والاختصاصات التي يمارسها مجلس عُمان، وترك للقانون تحديد تلك الشروط وتنظيم ممارسة تلك الاختصاصات، وهذا ما درجت عليه الأنظمة الدستورية في إقرار القواعد العامة للمجالس التشريعية في الدساتير، وتترك للقانون تنظيمها.

 

وتأسيساً على ما كرّسه المشرع الدستوري، صدر قانون مجلس عُمان بالمرسوم السلطاني رقم (7/2021)، متضمناً العديد من الأحكام سواء تلك المتعلقة بشروط العضوية والفئات التي يتم من بينها الاختيار لعضوية مجلس الدولة، وشروط الترشح لعضوية مجلس الشورى، مبيناً هذا القانون طريقة تعيين رئيس وأعضاء مجلس الدولة وذلك بموجب مرسوم سلطاني، بينما يتم اختيار أعضاء مجلس الشورى بالانتخاب، كما بين القانون فترة العضوية بمجلسي الدولة والشورى، وحالات انتهاء العضوية فيهما، والأجهزة الرئيسية لكل مجلس، وأدوار الانعقاد.

 

ولقد قرر قانون مجلس عُمان جملة من الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلسين، حيث تمثل الجانب التشريعي، وهو اختصاص مشترك لمجلس الدولة ومجلس والشورى، بإقرار أو تعديل مشروعات القوانين المحالة من الحكومة، وكذلك مناقشة وإبداء التوصيات حول مشروعات خطط التنمية والميزانية العامة للدولة، وإعادتها إلى مجلس الوزراء، وعلى هذا المجلس الأخير إخطار المجلسين بما لم يتم الأخذ به من توصياتهما في هذا الشأن مع ذكر الأسباب، وأن أهم ما تميّز به هذا القانون في هذا الإطار، أنه منح مجلس الدولة مدة مساوية للمدة التي منحها مجلس الشورى في مناقشة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة بصفة الاستعجال، ومناقشة مشروعات خطط التنمية والميزانية العامة للدولة، وهي مدة شهر، التي كان المشرع قد قررها لمجلس الدولة مدة (15) يوم فقط لمناقشة هذه المشروعات بخلاف مجلس الشورى الذي منحه مدة شهر.

 

والجدير بالملاحظة أن المشرع قد أوجب على المجلسين مناقشة مشروعات خطط التنمية والميزانية العامة للدولة في جلسة سرية (غير علنية)، وقد يتطلب هذا الإجراء لما تتضمنه هذه المشروعات من خطط اقتصادية متعلقة بسياسة الدولة وأمنها الاقتصادي، والتي أوجب مناقشتها في جلسة غير علنية. وفضلاً عن ذلك فإن القانون قد أجاز  للمجلسين تشكيل لجنة مشتركة بينهما لبحث أوجه الاختلاف حول مشرعات القوانين المحالة من الحكومة، وإعداد تقرير  بذلك لمناقشته في جلسة مشتركة بين المجلسين برئاسة رئيس مجلس الدولة، والتصويت على المشروع في ذات الجلسة. 

 

وفي الجانب التشريعي كذلك منح القانون مجلس عُمان الصلاحيات في اقتراح مشروعات قوانين وإحالتها إلى الحكومة لدراستها، وأهم ما جاء به القانون في هذا الإطار، أنه ألزم الحكومة في حال موافقتها على مقترح مشروع القانون إحالته إلى المجلس خلال مدة أقصاها سنة، ويتخذ بشأنه ذات الإجراءات المتبعة في مناقشة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة، أما في حال عدم موافقة الحكومة على هذا المقترح، فقد ألزمها القانون بالرد على مجلس عُمان خلال نفس المدة، مع بيان أسباب الرفض.

 

وفي ذات السياق قرر قانون مجلس عُمان صلاحيات منفردة لمجلس الشورى، وذلك في إحالة مشروعات الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها إلى المجلس لإبداء مرئياته بشأن تلك الاتفاقيات، كما ألزم القانون وزراء الخدمات موافاة مجلس الشورى بتقرير سنوي عن مراحل تنفيذ المشاريع الخاصة بوزاراتهم.

 

أما الجانب الرقابي، فقد أنفرد به مجلس الشورى وفقاً لما قررته المادة (56) من قانون مجلس عُمان، التي أجازت لمجلس الشورى ممارسة بعض الاختصاصات ذات الطبيعة الرقابية، وذلك باستعمال بعض الأدوات من أجل متابعة أداء المؤسسات الخدمية الحكومية، كالبيان العاجل، وطلب الإحاطة، وإبداء الرغبات، وتوجيه الأسئلة، وطلبات المناقشة، ومناقشة البيانات الوزارية، وممارسة حق الاستجواب، على أن تبين اللائحة الداخلية للمجلس إجراءات استعمال تلك الادوات الرقابية.

 

وتجدر الإشارة إلى أن قانون مجلس عُمان قد منح لكل من مجلس الدولة ومجلس الشورى أن يضع لائحته الداخلية، وأن تبين هذه اللائحة واجبات وحقوق الأعضاء، والجزاءات التي يجوز توقيعها عليهم، وإجراءات تشكيل مكتب المجلس واللجان وتحديد اختصاصاتهما، واختصاصات رئيس المجلس ونائبيه، وطريقة اختيار رئيس مجلس الشورى ونائبيه، وطريقة اختيار نائبي رئيس مجلس الدولة، وتبين اللائحة كذلك نظام العمل في المجلس ومكتبه ولجانه، وأصول المناقشة والتصويت، وقواعد حفظ النظام في المجلس، والجديد في هذا الإطار أن القانون قد أوجب نشر اللائحة الداخلية لكل من مجلس الدولة ومجلس الشورى في الجريدة الرسمية، لعلم الكافة والمخاطبين بها، بما فيم مؤسسات الدولة المختلفة.

 

وبهذا الخطوة التي تحققت بإرادة المشرع العماني بأن أصدر قانوناً خاصاً لمجلس عُمان (الدولة الشورى) متضمناً الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلسين، حيث تعد هذه الخطوة من أهم الملامح التي تتجه نحو تحقيق الأهداف التي رسمتها رؤية عمان 2040، ومن بين تلك الأهداف إيجاد تشريعات مرنة وسلطة تشريعية مستقلة ذات صلاحيات كاملة، والمؤمل من هذا القانون توسيع صلاحيات مجلس عُمان مستقبلاً.

 

تعليق عبر الفيس بوك