التوضيح بدلا من التأويل

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

 

في بعض الأحيان تثار بعض المواضيع ويدور حولها الكثير من التأويلات والتفسيرات غير المستندة على مصدر رسمي ومع ذلك تلقى رواجاً وانتشارًا كثيرًا ومما يساعدها على ذلك الانتشار غياب الجهة المختصة عن التفاعل مع المجتمع أولاً وتولد صورة سلبية عنها لدى الرأي العام وكذلك عدم تداركها.

ومنذ اللحظة الأولى لانتشار مثل تلك الإشاعات المغلوطة التي تمس صميم عملها عن الرد والتوضيح والغريب في الأمر وبالرغم من تكرار التنبيه على عدم الاعتماد أو الاهتمام بالرسائل غير المستندة على مصدر رسمي يكون تصديق ونشر مثل هذه الرسائل منتشرا بشكل كبير ولإضفاء صبغة من الرسمية على تلك الرسائل يتم إضافة عبارات "مصدر من الجهة الفلانية" بدون توضيح مسماه الوظيفي أو "حسب المتداول" أو "منقول"، وبالتالي من الأهمية بمكان أن يكون لمختلف الجهات خطة واضحة المعالم لتفعيل تواجدها لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي وأخذ زمام المبادرة بدلاً من سياسة ردة الفعل أو أحياناً للأسف سياسة التطنيش والمكابرة من البداية وعدم الاكتراث حتى تزداد رقعة وانتشار مثل هذه الرسائل والإشاعات التي قد تجد تجاوباً وتصديقاً طالما اختفت الجهات ذات العلاقة بتلك المعلومات والرسائل عن الرد والتوضيح.

المفارقة الأخرى العجيبة أنه أحياناً تصدر بعض الجهات قرارات مبهمة غير واضحة أو مفصلة وإنما تكون مواد عامة مما يُتيح الفرصة للمتصيدين في الماء العكر خلق تفاسير وتوضيحات بعيدة كل البعد عن الهدف والمسار الحقيقي لبنود تلك المواد والقرارات وبالتالي شحن وإثارة الرأي العام تجاه تلك القرارات التي بالأساس وضعت من أجل خدمته بالشكل الأمثل وبالتالي من الأهمية بمكان قبل إصدار أي قرار أن يتم التواصل والتفاعل من الجهة ذات العلاقة من أجل التنبيه عن تلك القرارات والإجراءات لمستفيدي تلك الخدمات ولاحقاً نشره بكل تفاصيله أو الانتظار وعدم اعتماده إلا بعد اكتمال كافة التفاصيل والبنود لتلك القرارات وبالتالي تفادي ردة الفعل السلبية والتي بالإمكان منع حدوثها.

أحياناً اعتماد بعض القرارات وتركها دون تطبيق فعلي أو توضيح يُولد مساحة من عدم الالتزام بتطبيق تلك القرارات نتيجة غياب الصورة الكاملة طالما أنَّ خطة العمل والبرنامج الزمني غير واضح المسار وبالتالي لا يُمكن محاسبة المُقصر طالما أنَّ مواد وبنود التطبيق غير واضحة المعالم وبالتالي الشفافية والوضوح مطلب مهم من أجل الإنجاز والمحاسبة والتوجيه بالشكل السليم وغياب الأدوات المحفزة والممكنة للتطبيق وبالتالي تطبيق خجول وغير واضح المعالم على أرض الواقع لتلك القرارات والإجراءات المُعتمدة.

من الأهمية بمكان تفعيل التوعية لأخذ المعلومة من مصدرها الرسمي واتخاذ كافة الإجراءات والضوابط القانونية تجاه من يتعمد إثارة الرأي العام بمعلومات ورسائل مغلوطة، وكذلك توجيه وتنبيه مختلف الجهات بأخذ زمام المبادرة والتفاعل مع الرأي العام والتعاطي مع مختلف القضايا بطريقة تشير إلى حرصها على التفاعل والتوضيح واستقبال الملاحظات والرد على مختلف الاستفسارات بدلاً من ترك المجال لتأويلات غير صحيحة هدفها فقط إثارة البلبلة والابتعاد عن الهدف الحقيقي لمختلف القرارات والإجراءات المتخذة.

ختاماً.. لا يُمكن بأيِّ حال من الأحوال الرد على كل صغيرة وكبيرة ترد لأي جهة أو مؤسسة لديها كم كبير من مستفيدي خدماتها ولكن خلق صورة ذهنية لدى الرأي العام بشكل إيجابي عن مهنية واحترافية تلك الجهة هو الأهم، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تفاعلها الإيجابي وخلق شراكة إيجابية مبنية على الثقة مع المجتمع والحرص والتأكيد على أنهم هم أساس نجاحها واستمراريتها وتفعيل مسارات التواصل المُباشر معهم والاستماع والتوضيح بكل شفافية ومصداقية وبالتالي قطع الطريق عن أي محاولة لإثارة الرأي العام والابتعاد عن هدف وتوجه ومسار تلك الجهات.