مشاعر شعر

 

وداد الإسطنبولي

استشعر صور تتراقص في مخيلتي وتراقصني.. تشدني إلى وجه بقسمات أجنبية أو كما صورته عيناي وأنا أنظر إليه بتمعن، لم أكترث بالجموع، أو الأضواء، ألغيت الحاضرين من حقيقة الوجود، أو كنت ألقي ابتسامات عابرة عينان صغيرتان وانكماش بين أنف صغير أعطى جمال انعكاس العدستين الصغيرتين، أخاديد بسيطة تطرقت على الوجنتين.

وبصراحة كانت جرأة مني أن أدقق في ملامحه وهو غير منتبه أو ربما منتبه وغير مبالٍ، ناهيك عن تلك الجدائل المتراخية أطرافها إلى الكتف، بضفائر متعرجة لا أدري من أين تتنفس الهواء، أو كم يوما لها لم تتصالح مع المشط، ولكن تلك الجدائل من أغوتني للنظر والتمعن.

جعلتني أحضر كلماتي وأمضغها، وأنظم ما أردت من معانٍ فيأتي الكلام بمضمون متسلسل، شخصية نقلتني من الواقع الذي أنا فيه إلى خيال حرك بي الحواس الخمس.

أعتذر منكم وكأني صهرتكم معي في بوتقة من واقع حقيقي فحديثي ليس إلا لصورة معلقة على جدران إحدى المعارض التي قمت بزيارتها في إحدى المناسبات، أبهرتني تلك الشخصية الموجودة بالبرواز أخذتني إلى عالمها الخاص فسبحت بأفكاري متوهمة الوجود بأنها واقع أنظر إليه وتبادلني التحديق وسهوت عن خلفية الصورة التي تبعث في نفسي الطمأنينة بأنه ابن الأرض والدار، ولم أكترث إلا بواقعي الافتراضي بتلك الجدائل التي تنحدر ربما من منابع ثقافات لها علاقة بحضارات أخرى.

هناك تعرجات شاقت بها السنون، وتلك النظرة الثاقبة التي جمدتني بالمكان وجعلتني لا أحيد بنظري عنها. جذبتني تلك الجدائل المعقودة، والشعر المسترسل مجعد لا أراه إلا على الشاشة الفضية.

ذكرتني هذه الصورة بحديث جميل هادف دار بين ثلة من الأصدقاء عن الجدائل والضفائر  لبعض القبائل، نعم، هناك أنماط حياة عند بعض القبائل وعادات قبلية كشعب الزولو الأفريقي وربما تكون تلك الجدائل عند البعض طقوس دينية كبعض قبائل اليهود، ولماذا أنسى القبائل العربية فهي أيضاً كان لها نصيب في تطويل الشعر.

المهم، صورتي المعلقة على البرواز ذو شعر منسدل مترهل من التقطيب والعقد، والخشن اتخذ من التشابك صنعة له بنسجه ببعضه البعض، ولازالت عيناي تمعن النظر بالصورة وتحسست يداي تلك الجدائل فضولا مني أهي مرنة! أم أعيش في شعور افتراضي، فأنا في حالة من الذهول بأن أعيش مع هذه الصورة كخيال الواقع وليس واقع الخيال.

وهنا أصفق وبقوة لتلك الأنامل والريشة التي كانت تعرف ماذا تفعل وبماذا تقوم لتعكس واقعا حقيقيا من الألوان. حينها انتبهت لخلفية الصورة واستشعرت بطمأنينتي أنها صورة عربية لابن الدار جدائله اكتسبها من طبيعة البيئة العربية كساها الخريف رونق الجمال... وبعض سحر جنوني أهوتها عيوني.

تعليق عبر الفيس بوك