الموظف.. بين الإبداع وقبضة المُستبد

 

 

اليمامة بنت سالم الكلبانية

معلمة بمدرسة أسماء بنت الصلت

Alyamamasalim878@Gmail.com

 

 

عزيزي المُستبد.. إنَّ الروح تألف الخير وتُحبه، وتبتهج وهي تتبادل هذا الخير مع بعضها البعض حتى وإن كانت الأرواح لا تلتقي في شيء محسوس، فإنَّ تلك اللمسات البسيطة تُعيد إلى الحياة توازنها وبهجتها. والعكس تماماً إذا كنت لا تقدم الخير فلا تكن عائقاً أمام كل ساعٍ يسعى.. كم مرة تحرق آمال المبادرين، دون أن تُبصر عيناك أكفاً مُلئت بالخير، ولربما أبصرتها لكن خُبثاً يعتصر لسانك وقلبك بين دفتي الحقيقة والغيرة. هل تظن أنك تطفئ نوراً أراد الله أن يظهره، أو تحجب شمساً أراد الله أن تشرق بدفئ.؟!ألم تعلم أنك لست إلا أداةً تمضي بمقادير الله، ثم إذا أراد أن يُدخلك الله بها النار لم يأذن لك بالصواب ولا بالخلاص .. وأنت تظن عبثاً بأنك تُحكِم قبضتك الحديدية على من لا يروق لك.

ألم تعلم أن تلك القيود التي تتعمد فرضها عبثاً بحجة أنك القائد الذي يجب أن تُقدم له فروض الطاعة والولاء قد تطل على نافذة أكثر رُسوخاً وأشد صلابةً، وأكمل صورةً مما كانت تبدو عليه حين كان يتشارك معك النافذة؟!!

كم من المرات كنت تغزل العثرات غزلاً بقياسات البؤس والنرجسية، كم من المرات كنت تقلّب مرآة الخِراف التي كنت تصنعها وتنسج صوفها حتى تضعها في مكان يخطف الأبصار بعقل فارغ. هل كنت تنظر إلى الله في سجودك عندما تدّعي عبادته، ولا يختلج في صدرك مرة أنك تخون الأمانة التي وُضِعت بين يديك بدمٍ بارد. لم تكن يوماً حافزاً، ولكن كنت عائقاً، يغرس الشؤم، ويُكدر الصفو، كنت تعبث بعلاقات بريئة، أودعتَ فينا نظرةً قاتمة لذلك المقعد.

استمحيك عذراً فأنا لا أُجيد الرقص مع الطبل، هناك قيود تمنعني حتى من المحاولة أن أصل إلى ضفتك. ببساطة لأنني لا أستسيغ الهلام الذي تصنعه وأحب واحتي الخضراء المفعمة بالنبل.. أنا لا أدّعي الكمال، أنا أستحرم لُقمة انتزعها من فم أخي حتى لو كانت حُجتي فيها بينة، لكنك تفعل ذلك وتدعي أنك توثق الخطى، وتُحق الحق، وتُبطل الباطل. لكنك الباطل الأكبر الذي لا نختلف فيه لأنك كنت تحفر الحفر، وتوصد الأبواب، وتختلق الأسباب عامداً متعمداً، عابثاً، مُبتزاً لمن تريد. وكنت تجامل، وتشعل أصابعك شمعاً لمن تُريد ولأجل من تُريد، لم تتردد يوماً دّس السُم في العسل. كنت أراك بعينين عميقتين لكنني الآن أنسجها لك هاهنا، يكفي أنني كنت أعرفك دوناً عن البقية. ولم ترقني طباعك المخثرة بالكذب المغلفة ببراهين واهية وحجج لا تكاد تزور الحقيقة في شيء. فلتقل إني ناقم، وليكن لك ما تقول فالنقمة لا تكون إلا بعد جريرة اقترفتها دون أن يرفّ لك جفن.

ثم ما حقيقة مشاعرك المُختَلقة، العائمة على صراعات مزيفة؟! أتظن أن الجميع يمتلكون قلوباً مهاجرة إلى معبدك المسموم؟! هم يحتاجون إلى مزيد من الوقت حتى يكتشفون حقيقة هذه العقلية المُتصارعة مع أهوائها. سيأتي ذلك اليوم الذي تعانق فيه أفعالك أجراس الهزيمة، ستخوض  تلك الدوامات التي كانت نفسك تُلبسها المبدعين، المبادرين ،الذين لم ينتظرو تصاريح العبور عند عتبة بابك، أولئك الذين كنت تخذلهم ثم تمسك يدهم عندما يُشرق نورهم رُغم أنفك، مُدعياً أنك كنت تُعلمهم، وتربط على قلوبهم. تلك التصاريح والأذونات، والإدعاءات الساذجة، تلك السلطة، ومحاولاتك البائسة لبث اليأس، وكثرة التجاهلات الصامتة، تلك النظرات المليئة بالكره ولسان طروب لعوب،تلك التصرفات المرتشية من خلف الجدران التي تُبنى على قراءات نتنة، يتم نسجها بين الفينة والأخرى, و تذكر الله في كل شاردة و واردة، ثم لا تجد لهذا الوازع الديني أثر سوى الكلام.

تذكر أن وعد الله حق، وإن حالفك الحظ، فإنَّ الوجود مقرون بعدل سماوي يتعاقب فيه الليل والنهار، وتدور فيه الدوائر، فليكن زرعك أكثر من التصحر الذي تتعمد اجتراره إلى قلوب غناء لم تعرف سوى العطاء.

تعليق عبر الفيس بوك