الرؤية- مريم البادية
تسعى فاطمة بنت سعيد الهاشمية من خلال معرضها "البيت الريفي قبل النفط" إلى تسليط الضوء مجددا على المقتنيات التي اندثرت رغم حداثة عهدها نسبيا، إذ كانت تستخدم قبل عقود قليلة في حياتنا اليومية، خاصة قبل التحول الكبير في مناحي الحياة، وانتشار التنمية في ربوع الوطن.
وتأمل الهاشمية من خلال معرضها النوعي أن تظل هذه المقتنيات في الذاكرة المجتمعية، وألا تصبح طي النسيان.
ويستهدف المعرض- المقام في منزلها بمسقط- الأطفال وصغار السن ممن لم يواكبوا بدايات النهضة في السلطنة، بهدف تبصيرهم بهذه المقتنيات. وسعت الهاشمية إلى استقبال الزوار قبل شهور، غير أن جائحة فيروس كورونا حالت دون ذلك، الأمر الذي أرجأ الفكرة، حتى تراجع مستوى الإصابات.
وتقول الهاشمية في تصريح خاص لـ"الرؤية"- إن المتاحف منتشرة في مختلف الولايات، وتزخر بالموروثات القيّمة، إلا أن القليل من أبنائنا يزورونها، نتيجة لتراجع الثقافة المتحفية بين الأجيال، وخاصة الحديثة منها.
وتضيف أنها من منطلق شعورها بالواجب تجاه النشء، عكفت على جمع بعض المقتنيات التي تعود إلى عصر ما قبل استخراج النفط وما بعده بسنوات وعرضها عليهم.
ومضت تقول: "كمواطنة على هذه الأرض الطيبة يحتم عليّ المساهمة- ولو بالقدر اليسير- في المحافظة على هذه الموروثات التي كان لا يخلوا أي بيت منها؛ حيث كانت الحياة سهلة وغير معقدة كما هو الحال اليوم، لذا قمت بجمع ما استطعت من نوادر تلك المقتنيات ليتسنى للزائر مشاهدتها والتعرف عليها".
وحرصت الهاشمية على افتتاح معرضها في يوم 18 نوفمبر الماضي، تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني المجيد للنهضة، تقديرا وامتنانا للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن بن سعيد- رحمه الله- وولاءً وعرفانا لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه. وقالت: "إن المعرض يستهدف إعادة أبنائنا إلى الماضي الجميل من خلال تحسس هذه المقتنيات ومكوناتها وطريقة استخدامها، وذلك بعمل قرية تراثية بسيطة لكن جائحة كورونا حالت دون تحقيق ذلك".
ويتضمن المعرض عددًا من المقتنيات؛ منها ملابس وزينة المرأة العمانية قديما؛ مثل الفضيات التي صُنعت بأيدٍ عمانية؛ مثل القلائد "الحرز والصب"، وكذلك البناجري المشوكة والخواتم، وأيضا الكحال والمحلب والصندل والحنا والورس والياس وعطر الورد والكيذة. ويضم المعرض قسما خاصا لمقتنيات الأطفال، يحتوي على مكحلة الفضة التي يوضع فيها الكحل الخاص بالطفل، والخلخال الذي يوضع في قدم الطفل وكذلك النيل.
ويزخر المعرض بعددٍ من الأسلحة مثل "سلاح الرماية والسيف والخنجر"، وعدد من أدوات الطبخ القديمة المصنوعة من النحاسيات مثل "الصواني والمخازف والهاندوه والمقلي والمحماس والصحلة"، وكذلك الرحى التي كانت تستخدم لطحن حبوب القمح، والفخاريات مثل "الخرس والجرة والحجلة والمباخر"، والهرقة التي يصنع فيها شراب اللبن، وتكون مصنوعة من جلد الغنم، وأيضا السعفيات المصنوعة من خوص النخيل مثل "العزاف والقفير والمخرافة". ويتضمن المعرض أيضا بعض الأثاث المستخدم قديما من خزانات الملابس والمرايا ولوحة الطاووس وكذلك الهواتف القديمة وطاحونة القهوة اليدوية.
وتأمل الهاشمية من كل أسرة في المجتمع أن تخصص ركنًا لهذه الموروثات مع توضيح مسمياتها واستخداماتها في كل منزل، بما يضمن الحفاظ عليها من الاندثار ولكي تعلم الأجيال الجديدة طبيعة الحياة في الماضي ويستفيدوا منها.