تمكين الشباب والمستقبل

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

تقوم الدول على سواعد أبنائها ولاسيما فئة الشباب الذين هم أداة تنمية بلدانهم ورفع مكانتها بين الدول حيث يتم وضع الخطط والبرامج التي تكفل المُساهمة الإيجابية لهذه الفئة وإتاحة الفرصة لهم لتمكينهم والاستفادة المثلى من طاقتهم وإبداعاتهم وإشراكهم في وضع الخطط والبرامج وتنفيذ مراحلها المختلفة بحيث يشعرون بـأنهم جزء مهم لخطط وبرامج التنمية المختلفة وبالتالي إغلاق كافة المنافذ التي قد تكون عاملا سلبيا لتلك الطاقات والإبداعات وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه ونحن في بداية عام 2021: ما الذي تغير الآن عن ما كان قبل عشر سنوات؟

سابقاً كانت السيطرة تتم عن طريق فرض الواقع بالقوة، لكن الوضع الآن تغير بوجود تأثير الإعلام الحديث ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها الكبير على عقلية وتوجه مستخدمي تلك الوسائل وأغلبهم من فئة الشباب الذين يقضون ساعات طويلة، الأمر الذي يتطلب وجود خطة واضحة محددة للتوجيه الإيجابي لفئة الشباب والاستماع لهم فمجرد ما يشعر الشاب أنَّ هناك رغبة جادة من مُختلف الجهات بإعطائه مساحة ومتنفذ لطرح أفكاره ووجهة نظره وإعطائه مساحة حقيقية وتوفير الأدوات الممكنة للاستفادة الإيجابية من تلك الطاقات تكون النتائج إيجابية وتخدم الخطط والبرامج التي شاركوا في وضعها لأنهم يشعرون أنهم جزء مهم وأصيل من نجاحها وديمومتها فبالتالي بذل مزيد من الجهود لإرضاء شغفهم ومواهبهم وإشعار المجتمع والجهات المختصة أنهم أهل لتحمل المسؤولية على أكمل وجه، ولكن عندما يتغلل شعور الإحباط وعدم وجود جهات تستمع لهم وتستمع لآرائهم وأفكارهم ومجرد فقط تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع تكون النتائج سلبية ومحبطة لطموحاتهم وتطلعاتهم ورغبتهم في إثبات الذات وأنهم يستحقون الأفضل.

ما يميز المرحلة الحالية أنها مرحلة لابد وأن تتضافر فيها مختلف الجهود من أجل تكامل الأدوار بين مختلف مكونات المجتمع ولاسيما الاهتمام وإعطاء المساحة الكافية لفئة الشباب خاصة وأن الظروف المحيطة والأزمات السياسية والاقتصادية والصراع على كسب مناطق نفوذ ومحاولة إضعاف المنافسين يتطلب الاهتمام والتركيز على فئة الشباب التي هي  حاضر ومستقبل كل دولة وهي لا تطلب إلا إعطائها مساحة من الاهتمام والتمكين والثقة بقدراتها ليس من خلال فعاليات مؤقتة تحتفي بإنجازاتهم وإبداعاتهم والاستماع غير المجدي لآرائهم ومقترحاتهم وإنما من خلال توجه حقيقي يشعر فيه الشباب أنه محط الاهتمام وتوفير البيئة المحفزة لهم التي من خلالها يظهرون إبداعاتهم وتميزهم والتعبير عن إمكانياتهم بشكل إيجابي؛ حيث إنِّه للأسف عدم وجود جهات تتبنى هذه الفئة بشكل جدي ومحفز حتى تكون له عواقب سلبية عليهم فأحياناً وقت الفراغ الطويل وتسرب الشعور بعدم أهميتهم وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة قد يدفع بهم إلى بعض السلوكيات والتصرفات التي قد تتكلف فاتورة باهظة؛ سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي وتحتاج لفترة من الزمن لمُعالجتها فبالتالي من الأهمية بمكان الاهتمام والإسراع في بناء جسور من الثقة المتبادلة وتوفير الوعاء والبيئة التي تتبناهم وتكون رافداً مهماً لإبداعاتهم من خلال خطط واضحة المعالم ذات معايير تقييم تضمن تحقيق الأهداف السامية لخدمة هذه الفئة والمجتمع والدولة فكثير ما نسمع عن بعض المبادرات التي تستهدف الشباب وتمكينهم ولكن تختفي بين الزحام ولا يكتب لها الاستمرارية، مما قد يكون له تأثير سلبي في إرسال رسائل إن الاهتمام مجرد مؤقت وليس دائم ومستمر؛ فعندما تشعر فئة الشباب بأنَّه هناك استمرارية في خطط البناء والاهتمام والتطوير لمواهبهم وقدراتهم وإعطائهم المساحة الكافية لإظهارها على أرض الواقع سيكون هناك مردود إيجابي وتنافس محمود بينهم لإظهار الأفضل منهم في مختلف المجالات.

ختاماً.. من أصعب الأمور التي تواجه أي فرد ضبابية الموقف وعدم وضوح المسار وبالتالي تولد شعورا بعدم اليقين والإحباط فما بالنا بفئة تتمتع بقدرات وطموحات غير عادية وتحتاج فقط لمن يوجهها التوجيه السليم الإيجابي ويقف إلى جانبها سواء بالاستماع الإيجابي أو التوجيه الصحيح السليم المبني على حقائق واقعية ووضع أهداف بالشراكة معهم وليس بالنيابة عنهم وإتاحة الفرصة الحقيقية للجميع لإبراز قدراته ومواهبه وفق ضوابط وإجراءات تتمتع بالنزاهة والشفافية والعدالة لأن انعدام الثقة وازدياد اليقين بعدم وجود الفرصة لهذه الفئة قد تكون له تبعات سلبية على المستوى المتوسط والبعيد المدى قد تكون على حساب اعتبارات وأولويات كان من الأولى تفاديها من البداية.

 

"الثقة كالإنسان.. سنوات لتكبر وثوان لتموت" مالكوم إكس.