انفصام أم تغيير؟!

 

خولة اللوغاني

 

كثيرًا ما نستمع لعبارة (دوام الحال من المحال) ومقتنعون تمامًا بصحتها ولكن أغلبنا يعتقد أنَّ هذه العبارة يُقصد بها الظروف من حولنا .. فنقول: دوام حالنا من المحال كدوام الراحة ودوام السعة من المال ودوام الظروف التي تجعل منا سعداء ..إلى آخره من الأمثلة..

دعونا نتعمق بها أكثر لتسليطها على ذواتنا نحن..

دعونا نركز بها على دوام صلاحنا مثلاً .. يشكو أحدهم فيقول لي: لماذا أشعر كما لو أنني أعاني الانفصام أشعر أنني أحيانًا في تخبط فأكون تارةً متمسكًا بقيمي وتارةً أخرى أخبط بها عرض الحائط ؟!

.. فك شفرة هذا اللغز هي في عمق إنسانيتك وكينونتك!

أخا الروح .. هذه دنيا ونحن بشر .. فالثابت الوحيد فيها هو التغيير وليس سواه .. دوام حالنا على وضع واحد هو أمر مستحيل ولن يكون أبدًا .. دوام بقاء أحبتك من حولك في حقيقة الأمر هو ليس للأبد حتماً .. دوام شبابك ليس للأبد أيضًا.. فلا شيء ثابت على حالٍ واحد في هذا الوجود .. قيمك تتغير وتتحول وتتطور .. ميولك كذلك ..كما قوتك أو ضعفك .. تستغرب أحيانًا من ذاتك قائلاً لماذا تأتيني فترة لا أبارح صلاتي إلا وقد أقمتها على أتم وجه .. ماذا حدث لي الآن وأصبحتُ متهاونًا فيها لا أركز ولا أخشع!

 

 .. أهنِّئك .. فقد وصلت لدرجة من الوعي بذاتك ما يفتقر له الكثيرون .. ولكن لا بأس بهذا الاضطراب المؤقت ..اهدأ ..وانسلخ من هوسك هذا بالكمالية .. واقنع بأنَّ هذا هو الحال الذي نعيش عليه كلنا دون استثناء..  فلا تضجر من نفسك المتخبطة..

خذها قاعدة: (التغيير في حالك هو الثابت الوحيد) .. فقط ما عليك فعله أوانَ تنبُّهك لهذا التخبط هو محاولتك فقط تقليل الخسائر قدر المستطاع .. دعنا نوضحها بمثال: كسلي عن الصدقة أعالجه بمشاهدة فيديو يُذكرني بنعيم المتصدقين .. إخلافي لوعد وتذكري له بعد فواته حلّه هو المبادرة لأدائه والبحث عن وسيلة تذكرني به في أوانه كمنبه هاتف أوملاحظة لاصقة في واجهة مكتبي .. وقس عليها غيرها من الأمثلة ..وأعدك ..ستتفاجأ من عقلك! فإنَّ أشغلته بابتكار طرق تلافي قصورك تراه يبتكر حلولًا بل ويكتظ بالكثير منها، فوظفه في هذا باستغلال طاقته في التغيير بالإصلاح وعدم هدرها بالتفكير المستمر بالضجر من تخبطك وتغييرك المحتوم .. في الحقيقة إن انتهاجك هذا الأسلوب في التعامل مع نقصك وتخبطك وتغيّر حالك ..يمنح نفسك الراحة بتقبلك لها بكل أحوالها .. ويعطيك متنفسًا من هوسك ولهثك وراء كمال هذه الذات وتحري ثبات أحوالها..

فقط خذ نفسًا عميقًا وخطوةً صغيرة قادمة لتلافي توقفها عن نجاحها .. (نفس عميق وشحنة إصلاح وقناعة بأن الكمال لله وحده) !

 

 

تعليق عبر الفيس بوك