الاقتصاد العالمي يتأهب لينفض عن نفسه آثار الجائحة

2021 ينبئ بـ"قفزة تضخمية" مع تعافي الاقتصاد من "عام الوباء"

ترجمة- الرؤية

تساءل تقرير حديث عن إمكانية عودة مؤشرات التضخم العالمي مجددا بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"؟

وقال تقرير لمجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية إنَّ فرضية التضخم المنخفض باتت ركنا أصيلا في السياسات الاقتصادية وتوقعات الأسواق المالية؛ متوقعاً أن تبدأ البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة إلى حوالي "صفر"، مع التسوع في شراء السندات الحكومية، لاسيما مع نية توجُّه الحكومات حول العالم خلال الفترة المقبلة نحو عملية إنفاق واقتراض غير مسبوقة من أجل إنقاذ الاقتصاد من ويلات الوباء.

ورغم ذلك، يعتقد مجموعة من المعارضين لهذه الفرضية، أن العالم يمكن أن يتعافى من الوباء ويبدأ مرحلة ارتفاع التضخم، إلا أنَّ تقرير المجلة استدرك بأنه وحتى الاحتمال الضئيل للاضطرار إلى التعامل مع ارتفاع التضخم فإنه سيكون أمرا مثيرا للقلق، لأنَّ مخزون الديون كبير للغاية وميزانيات البنوك المركزية متضخمة.. ناصحًا بأنه و"بدلاً من تجاهل المخاطر، يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات الآن لتأمين نفسها ضدها".

وفي العقود التي أعقبت تحذير مارجريت تاتشر من حلقة مفرغة من الأسعار والأجور تهدد بـ"تدمير" المجتمع، أصبح العالم الغني يتعامل مع التضخم المنخفض كأمر مسلم به. فقبل تفشي الوباء، فإن أسواق العمل "المحدودة جدًا" لم يكن بإمكانها دفع الأسعار للارتفاع، بينما أصبح هناك جيوش من البشر عاطلين عن العمل. ويعتقد العديد من الاقتصاديين أن الغرب -خاصة منطقة اليورو- يسير في طريق اليابان، التي سقطت في براثن الانكماش في تسعينيات القرن الماضي، فيما تكافح منذ ذلك الحين لعودة التضخم فوق مستوى الصفر.

أحد المخاطر يتمثل في حدوث انفجار مؤقت للتضخم العام المقبل، على عكس الفترة التي أعقبت الأزمة المالية؛ حيث ارتفعت المعروض النقدي- بمعناه الواسع- في العالم الغني خلال 2020، نظرا لقيام البنوك بتقديم قروض دون قيود. ويظهر الاقتصاد العالمي بالفعل علامات المعاناة من الاختناقات التضخمية؛ فسعر النحاس -على سبيل المثال- أعلى بنسبة 25% مما كان عليه في بداية عام 2020.

وحث تقرير "ذي إيكونوميست" على ضرورة استعداد حكومات العالم لإدارة مثل هذا التدفق المؤقت للتضخم، مضيفا أنَّ الحجة التضخمية الثانية هي أن المزيد من ضغوط الأسعار المستمرة ستظهر تباعًا؛ حيث ستنعكس- هيكليًا- قوى كبح التضخم.

وفي الغرب وآسيا، يتقدم أفراد العديد من المجتمعات في السن، مما يؤدي إلى تراجع بأعداد العمال، فقد عملت العولمة -على مدى سنوات- على خفض التضخم من خلال إيجاد أسواق أكثر كفاءة للسلع والعمالة.. لكن العولمة الآن في تراجع.

ويقول مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي إنه يأمل أن يتجاوز التضخم هدفه البالغ 2% لتعويض الخسائر، وقد يحذو البنك المركزي الأوروبي- الذي أعلن عن المزيد من التحفيز في 10 ديسمبر- حذوه.

وقالت "ذي إيكونوميست" إنه من الممكن حدوث انتعاش مؤقت في التضخم العام المقبل، وفي البداية سيكون موضع ترحيب باعتباره علامة من علامات التعافي، لكنه من شأنه أن يزيد قدرا متواضعا من ديون الدول. وإذا ما حدث ذلك، فقد يتنفَّس صانعو السياسة الصعداء- خاصة في اليابان ومنطقة اليورو حيث تنخفض الأسعار- وذلك على الرغم من أن التغيرات السريعة في نمط الإنفاق الاستهلاكي ربما تهدد بقلب الإحصائيات.

ويظلُّ حدوث فترة تضخم أكثر استدامة احتمالا منخفضًا، لكن إذا اضطرت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة لمنع خروج التضخم عن السيطرة، فإن العواقب ستكون خطيرة، وستتعثر الأسواق والشركات المثقلة بالديون. والأهم من ذلك، أن التكلفة الكاملة للميزانية العامة الموسعة إلى حد كبير للدولة (تشمل ديون الحكومات والبنوك المركزية) ستتضح تماما على نحو ينذر بخطر داهم.

تعليق عبر الفيس بوك