العالم.. إلى أين يتجه؟!

 

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

Faiza5al-kalbani@hotmail.com

(1)

في ظل ما يشهده العالم اليوم من مُتغيرات تتفاوت بين الإيجابيات والسلبيات يعززها التحول الرقمي وعلوم التكنولوجيا والابتكار، إلى جانب القوة التي يجب أن يُصاحبها في تطوير التعليم بما يتواكب مع سوق العمل، لأننا جميعًا ندرك أن أساس استمرارية تقدم الدول والشعوب المحافظة على التطور التعليمي والفكر البشري اليوم، وأيضًا عشوائية استخدام مفهوم (حرية التعبير عن الرأي!")، ولكن هذه المُتغيرات المتفاوتة اليوم قد طالت كافة القطاعات المُختلفة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً وصحياً وتعليمياً  والأمن الغذائي وغيرها من القطاعات الأخرى تجعل العالم بأكمله يسير في اتجاهين متنافرين البعض يدفع الحياة إلى الانتعاش والتحسن لفترة مؤقتة، والبعض الآخر يتراجع إلى الخلف لفترة أخرى.

(2)

المُفارقة الأخرى التي نعيشها اليوم ليس محلياً فقط، وإنما على الصعيد العالمي أيضاً، أن هناك عدداً من المؤشرات والتقارير والدراسات تشير إلى أن التحول التقني هو مطلب وضرورة لابد منها اليوم، وهو الاتجاه الذي تعمل جميع حكومات الدول على التسريع في اعتماده وتفعيله في إنجاز كافة الأعمال متبعين نظام (العمل عن بُعد)، من خلال تعزيز المهارات التقنية لدى الموظفين للتفاعل مع التغير التقني في أعمالهم اليومية، إلى جانب اعتماد المنصات لتفعيل أيضا (التعليم عن بُعد) لدى المؤسسات التعليمية من مدارس وكليات وجامعات، كل هذا مطلب لابد منه لمواكبة التحول الرقمي الذي تتسابق على تفعيله جميع الدول، ومنهم من هو متقدم على الآخر بخطوات كبيرة في هذا الجانب من خلال استخدام "الروبوتات، والطائرات ذاتية التحليق، وأنظمة رقمية متعددة لتسهيل إنجاز الأعمال"، ولكن في المُقابل يرى البعض أنَّ هذا التحول الرقمي وعمليات التشغيل الآلية قد تفقد العالم ما يقدر بنحو 400-800 مليون وظيفة كانت تدار من قبل موظفين من البشر بحلول 2030، وبالرغم من حاجتنا للتحول الرقمي السريع، إلا أنه لابد للجميع اليوم وخاصة من يعملون في الوظائف المُهددة بالانقراض أن يعملوا على تعزيز وصقل مهاراتهم بما يتناسب مع التحول الرقمي، ولابد للجهات المختصة أن تكثف برامج "التدريب والتأهيل لتعزيز التحول الرقمي وإدارته"، وإلا فإنَّ هذا سيُؤدي إلى تفاقم "أزمة الباحثين عن عمل" في العالم أجمع، والأمثلة المتداولة كثيرة وخاصة في الدول المتقدمة بالتحول الرقمي، فاليوم قد يكون المذيع، والكاتب، والمضيف، ونادل المطعم وغيرها من الوظائف تقوم عن طريق "روبوت"، ولا نستطيع أن نجزم خلال الــ 15 عاماً القادمة على العالم أي الوظائف سيختفي، وأيها سيظل باقياً ونحن نحاول الارتقاء بسلم تدرجاتنا الوظيفية للأفضل.

(3)

والمُؤسف اليوم أن تشهد الأوضاع العالمية نوعاً من عدم الاستقرار نتيجة لتراجع أسعار النفط وما خلفه من تبعات على كافة قطاعات الحياة، ليتفاجأ العالم في 2020 بتأثيرات انتشار فيروس كورونا لــ (يزيد الطين بلة)، لتتصاعد أعداد الحالات اليومية بين فترة وأخرى بشكل متفاوت بين جميع دول العالم، إلى جانب تزايد أعداد الوفيات من جراء هذا الوباء، التي أودت بحياة الكثيرين ولا تفرق بين لون أو جنس أو عمر أو غني أو فقير أو حاكم أو مسؤول، قوة المناعة ومدى مقاومة الأجسام واتباعها لطرق الوقاية والسلامة التي تفرضها المؤسسات الصحية في كل دولة، منظمة الصحة العالمي (والتي لا يعرف لها موقف واضح يذكر حتى اللحظة)  والأكثر من هذا يعتمد اليوم على ثقافة أفراد المجتمع لتفادي الوباء أو حتى في التعامل مع المصابين والمخالطين، ومدى خبرتهم لتفعيل آليات العزل الصحي وتقديم الأنظمة العدائية التي تُساعدهم على المقاومة بدون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى واتباع"الحجر المنزلي"، لكونه لا يوجد علاج معتمد له للحظة، كل اللقاحات تحت التجارب وبين مُؤيد ومُعارض حتى في ظل اللقاحات الأخيرة المُعلنة إلى أن تثبت فاعلياتها تطبيقياً وفعلياً.

(4)

أما على الصعيد الإعلامي وحرية التعبير في مختلف وسائل الإعلام السمعية والمقروءة والمرئية، والأكثر استخداماً اليوم تلك التي تعتمد على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف قنواتها، فقد شهد هذا الجانب عشوائية وغياباً للرقابة، فأصبح بعض وسائل الإعلام أداة لبث السموم والكراهية والمعارضات بين الأحزاب والطوائف والأشخاص، مما أدى إلى غياب المصداقية لأنَّ ثمة وسائل إعلامية تعمل لصالح الطرف الذي تدعمه وتؤيده وتؤمن بتوجهاته بغض النظر عن الحقيقة أين تتجه وأين تكون، وغيرها من السياسات التي لا تضمن فيها حرية التعبير نتيجة لما ستؤول له من عواقب قد تؤدي إلى تعذيب أو سجن أو حتى قتل أو تفجير مبنى أو غيره من أنواع العقوبات التي ستلحق بالإعلامي أو مؤسسة العمل نتيجة لهذه الصراعات التي لا تنتهي.