"أوبك" أمام اختبار وجودي لتعزيز أسعار النفط.. و"التخفيضات" تفشل

ترجمة - الرؤية

من المُرتقب أن يجتمع يوم الخميس وزراء الطاقة لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، بقيادة السعودية، إلى جانب حلفاء المنظمة "أوبك بلس" وعلى رأسهم روسيا، لمناقشة مستقبل سوق النفط.

لكنَّ بحثًا حديثًا أعده باحثون في البنك المركزي الأوروبي يدعو إلى التساؤل عن مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه "أوبك بلس" بشأن المسألة التي تهمها أكثر وهي سعر النفط. ووفقا لما نشرته صحيفة "ذي إيكونومسيت" فسيكون الوزراء سعداء برؤية نهاية عام 2020. ففي مارس، مع انتشار جائحة كوفيد 19، خاض السعوديون والروس حرب أسعار ضارية لكسب حصة في السوق عن طريق إغراق العالم بإمدادات النفط. وأدت عمليات إغلاق السفر إلى مزيد من انخفاض الأسعار، وفي يوم واحد من شهر أبريل هوت أسعار العقود الآجلة الأمريكية إلى المنطقة السلبية. ووضعت روسيا والسعودية خلافاتهما جانبًا للرد على صدمة الطلب بخفض الإنتاج. ويتعيَّن على "أوبك بلس" الآن أن تقرر كيفية الرد على انتعاش اقتصادي غير مؤكد، فيما بات واضحا أن أحدث فترة تعاون لمنظمة أوبك مع روسيا والمكسيك ودول أخرى كانت غير فعالة بدرجة كبيرة.

وعندما تشكَّلت "أوبك" في العام 1960، كان أعضاؤها الخمسة (إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا) يسيطرون على أربعة أخماس صادرات النفط العالمية. وبحلول العام 2019، على الرغم من توسيع عضويتها لتشمل 14 دولة، فقد انخفضت حصتها من الإنتاج العالمي بمقدار النصف، لتصل إلى 39%. ونتج هذا الانخفاض جزئيًّا عن الارتفاع السريع في إنتاج النفط الصخري الأمريكي الناتج؛ حيث ارتفعت حصتها في سوق النفط العالمية من 8% إلى 19% بين عامي 2011 و2019. وفي البداية استجابت أوبك لهذا التهديد بفتح بوابات الإغراق، ورفع سقف الإنتاج في العام 2014. وتراجعت أسعار النفط من 110 دولارات للبرميل إلى أدنى مستوى لها بأقل من 30 دولارًا في العام 2016. وكان الهدف من الأسعار الرخيصة قتل صناعة النفط الصخري الأمريكية وجعلها غير مربحة. لكن الخطة لم تنجح، وبدلاً من ذلك، تعرضت الموارد المالية لدول أوبك لضربة، بينما استمر المنافسون الأمريكيون الأكثر كفاءة ومرونة في عملهم.

لكن تحالف "أوبك بلس" اتبع نهجا تكتيكيًّا مختلفًا في العام 2016، حيث سعى التحالف إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بأسعار النفط من خلال خفض الإنتاج العالمي، في البداية بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًّا، ولكن في النهاية بأكثر من 5 ملايين.

وللحكم على نجاح خطة التحالف، وضع الباحثون نموذجين للتنبؤ بما قد يحدث لسعر النفط دون تنفيذ التخفيضات؛ الأول يفترض انعدام "التفاعل الإستراتيجي" بين أعضاء أوبك بلس ومنتجي النفط الآخرين (مما يعني أن إحدى المجموعات لا تغير إنتاجها استجابةً لانتاج المجموعة الأخرى). ومن المفترض أن يظل إنتاج أوبك بلس عند حوالي 46 مليون برميل في اليوم، وأن إنتاج غير الأعضاء هو نفس مستواه الفعلي، ويسمح ذلك بتفاوت إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بلس وفقًا لمقدار الإنتاج.

وللوهلة الأولى، بدا أن جهود التحالف حققت نجاحا، وارتفع سعر النفط بشكل مضطرد إلى حد ما منذ بداية عام 2017، باستثناء حلقة من عدم الامتثال على نطاق واسع في نهاية العام 2018، عندما تجاهل بعض الأعضاء حدود الإنتاج. لكن الباحثين وجدوا أن حوالي 6% فقط من سعر النفط في المتوسط​​، أو حوالي 4 دولارات للبرميل، كان يُعزى إلى قيود أوبك بين عامي 2016 و2020. واغتنمت أمريكا الفرصة لزيادة حصصها في السوق. ولاحظ الباحثون أن المزيد من التخفيضات الجذرية كانت ستكون مطلوبة لدفع المبيعات العالمية إلى المستويات التي تصورتها أوبك بلس.

وبعد اضطرابات مارس وأبريل، أقنع وباء كورونا تحالف "أوبك بلس" بالمحاولة مرة أخرى؛ فاتفق أعضاء التحالف على تسجيل تخفيضات بلغت 9.7 مليون برميل يوميًا (حوالي 10% من الإمدادات العالمية)، وهو هدف تم تخفيفه بمقدار مليوني برميل يوميًا خلال الانتعاش الاقتصادي في الصيف الماضي.

ومن المقرر أن يناقش تحالف "أوبك بلس" هذا الأسبوع زيادة ثانية في الإنتاج. ومع الإغلاقات الجديدة بسبب كورونا، والذي يلحق المزيد من الضرر بالطلب، من المتوقع أن يؤجل التحالف هذه الزيادة. وتعاني دول أوبك، مثل نيجيريا والعراق، من أعباء فيروس كورونا المستجد وانخفاض عائدات النفط، ما يجعلها في وضع غير جيد، وبدون زيادة مضطردة في الطلب، لن يكون أمام التحالف من خيار سوى تحمل القيود المؤلمة.

تعليق عبر الفيس بوك