تبسيط إجراءات التقاضي

د. مها رمضان بطيخ **

 

>> نظرة تشريعية نحو تحقيق قدر أكبر من المرونة والسرعة في إجراءات التقاضي

 

يسعى المشرع العُماني دائمًا إلى مُواكبة التغيرات التي تطرأ على الساحة؛ فبعد إصدار العديد من التشريعات لأجل تحقيق هذا الغرض، صدر المرسومُ السلطاني رقم (125 /2020) بإصدار قانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المُنازعات، والذي أضفى قدرًا أكبر من المرونة والسرعة في إجراءات التقاضي في بعض المنازعات، كالمنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي، والمنازعات التي تنشأ بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية تطبيقاً لأحكام المرسوم السلطاني رقم (6/ 89)، ومنازعات العمل الفردية الناشئة من تطبيق قانون العمل، والمنازعات الناشئة من عقود مقاولات البناء، والمنازعات المتعلقة بالمحررات المشتملة على إقرارٍ بدين، المحررة، أو المصادق على توقيعات ذوي الشأن فيها، من الكاتب بالعدل، وأيضًا إجراءات القضايا الجزائية المُتعلقة بالشيكات.

وتجلت مظاهر المرونة والسرعة الإجرائية القضائية في قانون تبسيط إجراءات التقاضي في تلك المنازعات، في تخصيص دوائر ابتدائية مُشكلة من قاضٍ واحد في كل محكمة ابتدائية للفصل في تلك المنازعات أيًا كانت قيمتها، وإجازة استخدام الوسائل الإلكترونية في رفع الدعاوى المتعلقة بتلك المنازعات، وإيداع المذكرات، وتقديم المستندات، والطعن في الأحكام الصادرة فيها، وكذلك تحديد مواعيد مُلزمة للقاضي لإصدار الحكم خلالِها في تلك الدعاوى، وتقصير مواعيد الطعن في الأحكام القضائية الصادرة في تلك الدعاوى، ومنح عقد الإيجار المُثبت للعلاقة الإيجارية قوة السند التنفيذي.

ويستطيع القاصي والداني أن يستشعر مدى حداثة التشريعات العُمانية، وسعي المشرع العُماني الدائم إلى مواكبة التطورات التي تطرأ على الساحةِ العالمية، فهل يُمكن تصور نظام إلكتروني كامل في إجراءات التقاضي مستقبلًا في السلطنة على غرار بعض الدول؟ تساؤل يستحق التفكير والتنفيذ، خاصة في ظل امتلاك السلطنة لبيئةٍ تكنولوجيةٍ ورقميةٍ جيدة، ونجاح نظام التعليم الإلكتروني- أو كما يُطلق عليه نظام التعليم عن بُعد- فيها، على وجه التحديد، إضافة إلى استقبال العالم لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

** أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق، جامعة عين شمس

تعليق عبر الفيس بوك