خبراء: التصعيد غير المقصود قد يحدث "في غمضة عين"

"آخر أيام ترامب" تثير المخاوف من مواجهة محتملة بين أمريكا وإيران داخل العراق

ترجمة - الرؤية

يبدو أنَّ الحكومة العراقية تواجِه مخاوف من مُواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية من جانب وإيران من جانب آخر على الأراضي العراقية، بينما تدخل ولاية الرئيس دونالد ترامب أسابيعها الأخيرة؛ وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

ويتعرَّض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لضغوط من المسؤولين الأمريكيين لتصعيد حملة حكومته على الميليشيات المدعومة من إيران، والتي استهدفت صواريخها مرارًا مواقع دبلوماسية وعسكرية يستخدمها الأمريكيون خلال العام الماضي. وأبلغ الرئيس ترامب مستشاريه بأنه مُستعد لإصدار أوامر برد مُدمِّر إذا قُتل أي أمريكي في الهجمات المنسوبة إلى إيران.

ومع تصاعد التوترات، تتنامى المخاوف في بغداد من أن الأعمال الاستفزازية من قبل أيٍ من الجانبين يمكن أن تتسبب في صراع غير مقصود.

وقال سجاد جياد الخبير في شؤون العراق والزميل في مؤسسة القرن البحثية: "إنَّ احتمالية التصعيد مرتفعة لدى الحكومة العراقية، وأعتقد أن العراقيين يتمنون فقط أن يتمكنوا من إغماض أعينهم والسماح لهذين الشهرين بالمضي سريعًا".

وتصاعدتْ التوترات في المنطقة بشكل أكبر بعد مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده؛ في هجوم مستهدف على ما يبدو في طهران. واتهم مسؤولون إيرانيون إسرائيل بالمسؤولية عن عملية الاغتيال، مما أثار احتمال أن إيران أو وكلاءها في الشرق الأوسط قد ينفذون أعمالا انتقامية على أهداف غربية.

وفي 17 نوفمبر، أطلقت ميليشيا صواريخ باتجاه السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد، منتهكة بذلك هدنة سارية منذ شهر لكنها لم تسفر عن سقوط ضحايا بين الأمريكيين أو قوات الأمن العراقية.

وقالت جماعة مسلحة تسمي نفسها "أصحاب الكهف" إنها أطلقت وابلا من القذائف ردا على مداهمة في مدينة الفلوجة أدت لاعتقال 3 من عناصر الميليشيا. وأكد مسؤولون أمنيون عراقيون وقيادي كبير في الميليشيا ومسؤولان غربيان وشاهد عيان في الشارع أن المداهمة حدثت رغم عدم وضوح هوية المعتقلين.

وبعد الهجوم الصاروخي على السفارة الأمريكية، نفت جماعة كتائب حزب الله المدعومة من إيران تورطها، وقالت إنَّ الهدنة لا تزال سارية، مما يُسلط الضوء على الانقسامات الظاهرة بين الميليشيات، والتهديدات المحتملة التي تشكلها الفصائل التي تشن هجومًا بمفردها.

وقال جياد: "حقيقة أن هذا المشهد أصبح أكثر تعقيدًا، يعني أن الخطر كامن في كل مكان".

وجاءت الغارة على الفلوجة بعد عدة أسابيع من تكثيف الولايات المتحدة ضغوطها على حكومة الكاظمي لإيقاف الميليشيات المدعومة من إيران، مما أدى لتصعيد التوترات في العراق. وفي مُكالمات هاتفية مع الكاظمي والرئيس العراقي برهم صالح في أواخر سبتمبر، هدد وزير الخارجية مايك بومبيو بإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد ما لم يتم وقف الهجمات الصاروخية التي تنفذها الميليشيات. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن خطة إغلاق السفارة لا تزال قائمة، وصدرت تعليمات لمسؤولي الإدارة للتحضير لسيناريوهات مختلفة.

وفي مُؤشر آخر على توترات داخلية في العراق، قُتل ما لا يقل عن 5 متظاهرين مناهضين للحكومة في مدينة الناصرية جنوب البلاد، في اشتباكات مع أنصار رجل دين شيعي قوي سياسيًّا، بحسب ما أفادت وكالة أسوشيتد برس نقلاً عن مسؤولين بوزارة الصحة. وتحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم بما يتماشى مع اللوائح. وبينما نصح المسؤولون الأمريكيون ترامب بعدم توجيه ضربة استباقية لإيران -وفقًا لمصدر رفيع المستوى- فإنهم يقولون إن ترامب وصف مقتل أمريكي بأنه "خط أحمر" من شأنه أن يؤدي إلى انتقام فوري و"ساحق".

وبعد أيام من لقاء ترامب بمستشاريه لمراجعة الإجراءات المحتملة ضد إيران، وحديث وسائل الإعلام الأمريكية عن تلك المناقشات، زار الجنرال إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيراني المسؤول عن العمليات الخاصة لطهران في الخارج، بغداد، للحث على ضبط النفس.

وحذر قاآني الميليشيات والفصائل السياسية من أي تصعيد للهجمات على أهداف أمريكية قبل مغادرة ترامب لمنصبه، بحسب ما أفادت مصادر مطلعة على الأمر أو شاركوا في الاجتماع. وفي دلالة على إدراك إيران بأن ترامب فقد بالفعل كل شيء، قال قاآني في ذلك الاجتماع: "ننتظر فقط حتى يخرج ترامب من المشهد".

وأصرَّ مُتحدث باسم كتائب حزب الله على أنَّ ضبط النفس هو أفضل مسار، خاصة وأن إدارة ترامب بصدد سحب بعض القوات الأمريكية من العراق. وقال مسؤولون أمريكيون إن مستويات القوات ستنخفض بنحو 3000 إلى 2500 بحلول 15 يناير.

لكنَّ الانقسامات الظاهرة داخل معسكر الميليشيات قد تجعل من الصعب -حتى بالنسبة للميليشيات الأكثر نفوذاً- الحفاظ على الهدوء خلال هذا الوقت الحساس.

تعليق عبر الفيس بوك