الجلسة لم تكن سرية!

علي بن سالم كفيتان

لم أجد مُبرراً لكل ما طرح حول جلسة مجلس الشورى مع وزيري المالية والاقتصاد لمُناقشة الميزانية العامة للدولة للعام 2021، فالجلسة لم تكن سرية بل حضرها جميع مُمثلي الولايات العُمانية الذين تمَّ انتخابهم عبر صناديق الاقتراع المُباشر، مما يعني ضمناً إطلاع الشعب على المُوازنة المرتقبة فمن حق كل عضو التَّواصل مع سكان ولايته قبل أي جلسة للاستئناس بآرائهم ومن ثمَّ نقلها أثناء حواره مع الوزير المختص وعقب ذلك اطلاعهم على الأمر ويُناقش معهم ما تمَّ طرحه من حقائق وأرقام بحيث لا يكون الأمر استعراضياً بحتاً كما حصل من بعض الأعضاء للأسف ممن نشروا قوائم المُعارضين للجلسة غير العلنية فهذا يُبين مدى ضحالة التفكير البرلماني عند البعض ونزوعهم للجانب الشخصي على حساب العمل البرلماني المهني المُناط بهم.

وهنا يُطرح تساؤل: ألست يا صاحب سعادة العضو الممثل لولايتك؟!

المجلس حسب تعريفه الحالي هو مجلس شورى يتم الاستئناس برأيه فقط ومن هنا نرى أهمية زيادة الجرعة التوعوية لأصحاب السعادة في مجال العمل البرلماني وعدم تركهم فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي يبثون من خلالها بياناتهم وشجبهم واستنكاراتهم لتهييج الرأي العام بحيث يُمارس كل عضو واجبه من واقع قاعدته الانتخابية في ولايته أو من خلال بناء توافق آراء مع زملائه في المجلس لدفع الضرر وجلب المنفعة وهذا لا يتأتى عبر العنتريات التي نراها صباح مساء من قبل البعض للأسف فالوضع لا يحتمل كون البلاد تمر بمنعطف تاريخي ليس بالهين وفي مُختلف الجوانب السياسية والاقتصادية ولدي يقين بأنَّ المُجتمع بات لديه الوعي الكافي لكن بعض ممن هم تحت قبة المجلس لا زالوا حبيسي حملاتهم الانتخابية التي أفرزتهم للواقع ولم يفرقوا بين كينونة العضو وطبيعة المُرشح!  

لا يختلف اثنان على أهمية مبدأ الشفافية ووضع الرأي العام في الصورة والإنصات بعناية لردود الفعل قبل اتخاذ القرارات المصيرية وأثنائه وتقييم التغذية الراجعة لها فالمُراقب يعرف أنَّ خطة التوازن المالي للخمسة أعوام التالية تمَّ اعتمادها من قبل الحكومة وجلالة السلطان -أيده الله- أوضح ذلك في خطابه السامي بمناسبة العيد الوطني والتي تمَّ طرحها كطوق نجاة من الوضع الراهن فلا يُعقل أن تكون جلسة موازنة 2021 هي لمناقشة خطة التوازن المالي (2021 -2024)؛ فالمجلس حسب اعتقادنا مُتأخر في تشكيل موقفه البرلماني أمام الحكومة ولا زال يعمل بأدوات قديمة لا تصلح للعهد الجديد؛ وكان حري بالمجلس طلب جلسة لمناقشة خطة التوازن المالي قبل إقرارها من الحكومة، وهذا لم يحدث حسب علمي، والأمر ذاته في آليات التقاعد المبكر وفرض الضرائب وغيرها فمن خلال النقاش الاستباقي يُمكن مراجعة السياسات التي تعتزم الحكومة اتخاذها وقد يتبادر لذهن البعض أنَّ مخرجات المجلس لم ترقَ لهذا المستوى بعد وربما الحكومة سبقت المجلس وترى أنَّ العودة لذلك الفكر ستسبب تأخيراً لقرارات مصيرية يجب اتخاذها للإصلاح الاقتصادي دون تردد.  

عن نفسي وكمواطن في إحدى الولايات العُمانية لم اتلقَ أي اتصال من الأعضاء الذين يمثلون ولايتي في المجلس يطلبون فيه وجهة نظري في أمر مُعين ولم اسمع من آخرين أنَّ ذلك حدث معهم ولا توجد أي إحاطات برلمانية قدمها أعضاء في مُحافظتي للجمهور ولا أعرف لهم عنواناً غير هواتفهم الخلوية التي لا ترُد في كثير من الأحيان وحسباتهم على تويتر التي تعج بالانتقادات أو الجمود التام.

ولكي نكون منصفين، فقد صنع المجلس بعض الشخصيات التي تولت مناصب قيادية في التشكيلة الحكومية الأخيرة، فهل نزوح الأعضاء للحكومة أصبح هدفاً يسعون إليه على حساب أصوات ناخبيهم ومصالح ولاياتهم؟ وهل تعيين أعضاء من الشورى في الحكومة يعتبر نهجاً تشاركياً سليماً؟!

أعجبتني تغريدة سعادة الدكتورة طاهرة اللواتية (عضو المجلس عن ولاية مطرح) على تويتر التي بررت فيها تصويتها لعدم علنية جلسة موازنة 2021 رغم علمي المُسبق أنها تمثل كتلة انتخابية مثقفة وواعية تعلم جيدًا مبدأ الشفافية متى تكون، وهنا يأتي الفرق بين الأعضاء ومدى استقلالية ونزاهة أفكارهم في الطرح.