تمكين العاملين.. مدخل للتقدم بثقة

د. رضية بنت سليمان الحبسية

Radhiyaalhabsi@gmail.com

تقُوم رؤية "عُمان 2040" على عدد من الأولويات الوطنية في مسارات متوازنة؛ للوصول بعُمان إلى مصاف الدول المتقدمة.. وتأتي حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع أحد تلك الأولويات؛ لأهميتها الكبيرة من حيث الاستخدام الفاعل للموارد الوطنية، وتحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة، وفق مؤشرات حوكمة محلية وعالمية. وعطفًا على ما اشتملت عليه الرؤية، فإنّ لتحوُّل السلطنة إلى تطلعاتها المستقبلية لمرحلة المعرفة والابتكار، فلا بد من جاهزيتها في عدد من المجالات الأساسية؛ إذ يُمثل الإنسان العُماني المُمَكّن أحدها.

ويُعَدُّ تمكين العاملين من الإستراتيجيات الإدارية الناجعة للارتقاء بأداء المؤسسات؛ وذلك بإعطاء العاملين الصلاحيات ومنحهم الحرية لأداء مهامهم الوظيفية، والابتعاد عن التعقيد في الإجراءات التنفيذية؛ الأمر الذي يتطلب معه بيئة عمل مناسبة؛ من خلال قيام المسؤول بأدواره التسهيلية والتحفيزية والتوجيهية، إضافة إلى الاهتمام بالعاملين وتمكينهم من أداء أعمالهم على الوجه الأمثل.

ونظرًا للمزايا التي يُحَققهاُ تمكين العاملين؛ والمتمثلة في: إطلاق طاقاتهم الكامنة نحو الإبداع، وتحسين دافعيـتهم بما يضمن فعالية الأداء، وتحقيق التوازن الشخصي والمهني، والذي يؤدي إلى تنمية الرضا الوظيفي لديهم، فإنَّ الحاجة لتمكينهم وفقا لمنظومة حوكمة شاملة أمرٌ في غاية الأهمية؛ وذلك من خلال نظام عمل يسعى لتحسين أداء المؤسسة ويُحدد مسارات وآليات للإجراءات التي تتم في المؤسسة لتحقيق أهدافها وإستراتيجياتها.

وفي ظِلِّ المتغيرات العالمية المتسارعة، وتأكيدًا لضرورة قيام المؤسسات بالمراجعة المستمرة في ممارساتها الإدارية، وما يُتطلبه ذلك من تفعيل تمكين مواردها البشرية في إطار التوجهات الوطنية والأهداف الإستراتيجية للدولة.. فإنّ الأمر يستلزم توفير عدد من المقومات الأساسية؛ منها:

1- إعادة تصميم الهيكل التنظيمي للمؤسسات؛ بما يُسهم في تحقيق اللامركزية في اتخاذ القرارات.

2- تطوير نظم وأساليب إدارة الموارد البشرية؛ مثل: الترشح للوظائف، المكافآت والترقيات، تقييم الأداء وتدريب العاملين وفق معايير موضوعية.

3- نظم معلومات فعّالة بالبيانات والمعلومات المتعلقة بالعاملين من حيث المؤهلات العلمية، الخبرات العملية والمهارات والقدرات؛ للاسترشاد بها في إعداد الأهداف والبرامج الإستراتيجية.

4- تبنّي مجموعة من الأُسس والقيم التي تنمّي الإبداع والابتكار، وتطوير الإجراءات التي تُدعم الاستثمار في العنصر البشري.

5- قناعة الإدارات بأهمية تمكين العاملين، ودعمها لتأسيس الصف الثاني وفقا لمبدأ التخطيط التعاقبي.

6- حثّ العاملين على تنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتشجيعهم على التّعلم المستمر، مع توفير بيئة عمل محفزة تسمح بالتجديد والتطوير.

7- مراعاة التّنوع والتّباين بين العاملين، من حيث التّخصص والجدارات عند تفويض الصلاحيات وتوزيع المسؤوليات.

8- اتباع أساليب موضوعية في تقييم الأداء، والتّأكيد على أهمية المتابعة، المحاسبية، والمساءلة على النتائج.

9- التّدريب المستمر للعاملين؛ حيث يُعدّ التّدريب إحدى أهم الآليات لتطوير المعارف، وتعديل السلوك، وتنمية المهارات والاتجاهات.

... تسعَى الحكومات والمؤسسات، وبشكل دائم، إلى تطوير الأداء المؤسسي؛ وذلك من خلال تبنيها مجموعة من السياسات والأولويات الوطنية، على اعتبار أنّ هدف التطوير الإداري هو رفع كفاءة إدارة الموارد؛ مما ينتج عنه أفرادٌ ممكنون قادرون على المساهمة الفاعلة في التنمية الشاملة. ولتطبيق إستراتيجية تمكين العاملين، ينبغي على المؤسسات أنْ تغيّر النظرة للمورد البشري؛ من أجل تحقيق الميزة التنافسية بما يتناسب ورؤية عمان 2040 في ظل الثورة الصناعية الرابعة بأبعادها التكنولوجية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية.

تعليق عبر الفيس بوك