ميلاد حزين.. وإشراقة أجمل

وداد الإسطنبولي

حين غادرت المنزل لشراء شيء ما تذكرته، لفت نظري وأنا أنظر من نافذة السيارة، الأعلام الشامخة التي ترفرف رايتها على جميع شوارع الحي، انتابني شعور غريب وإحساس قاتم، يكسوه شعور بارد، كصباح الشتاء، يتناثر الثلج على طقسه، هناك خواطر منكسرة وبقايا شيء لم ينتهِ ولن ينتهي، ربما تضيع ملامحه بين إنارة الشوارع الخافتة. أغمض عيني وأسترجع الشريط للحنين قبل العام الماضي القريب، وأفتح عيني وأحدق للأعلام طويلا وتتمايل مع نسمة الهواء التي قد تكاد تكون معدومة، هناك شيء تريد أن تنطق به، أشعر بتنفسها العميق يحمل تنهيدة طويلة عميقة وبعنفوان شامخ تردد: "أنا هنا".

اتَّجهت إلى ذلك السوق الذي أردت وجهته، عادة هذا السوق يضج بالزحام والحركة، ومعروف بهذا، انتبهتُ لقلة هذا الآخر، وفي مثل هذه الأيام في بلدي يضج الشراء بالأعلام الصغيرة، والبالونات تحمل شعار عروبتي، والأوسمة تتزين بألوان بلادي.  ناهيك عن الحفلات التي تستعد لهذا اليوم، والملحمات الغنائية، حتى المركبات اتخذت من صورته كسوة تتحلى بها، يغمر البلاد ابتسام عميق، وقلوب تضخ حياة.. وأستنكر!

لم أستشعر تلك الحياة، ولا ذاك الزحام، هدأت بهدوء صاحبها، فتلك المشاعر ستعود إلينا من جديد، نبكي ذهابه، وننحب غيابه، وتمر علينا ذكريات رحيله ومحطات وجوده الثابتة في الزوايا.

هل تبعث الذكرى لقياه؟ أم الحلم فينا يرسم محياه؟ أم سنألف الرحيل! ولن أستنكر الاستمرار بالترقب؛ لأن العالم ليس خالدا؛ فالثامن عشر من نوفمبر لم يكن لعمان يوما عاديا، وخاصه للنساء والأطفال وليس على سبيل الحصر فهذا اليوم كان عرسا ومهرجانا، وضجيجا، وحياة، فلمن الآن نشعل فتيل شموع الخمسين عاما! ونقول:  دمت يا فخر الزمان، دمت يا رمز الحنان.

المرءُ فينا بمولده يفرح، وينتظر قدوم العام القادم ليحتفل بقدوم مولده، فأين نحن من الثامن عشر من نوفمبر، ربما يده التي اعتدنا تلويحها بالسلام هي بركته أن ترفع له أيادي أبناء عُمان في مولده بالدعاء والمغفرة، قابوس في قلوبنا، فقد عمل على بناء عُمان خمسينَ عامًا، ولم يشكُ من جهد بذله، ولا بعد صراع قاسٍ تقاعس عن العطاء.

عُمان شامخة، ودولة عصرية قابوسية، ويبقى أن نستمر في التخطيط الجيد والتعاون مع النهضة المتجددة والإشراقة الهيثمية؛ فهذا السلف رحل وترك الخلف يحل محله في يوم رحيله، لكي لا تترك عُمان بدون راعٍ، وهذا تفكير ثاقب ونظرة حكيمة منه لبناء هذا الوطن لخير خلف فكل شيء يتصل ببعضه بعض وكأنه غائب حاضر، فنكمل ما وقفت عنده الأبيات، قائلين التهاني والأماني لك يا هيثم عُمان.

طيب الله ثراك يا أبي...،

تعليق عبر الفيس بوك