نوفمبر العهد السعيد

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

Radhiyaalhabsi@gmail.com

حللت علينا يا نوفمبر، فأهلًا، ونزلت سهلًا. خمسون عامًا، وعُمان في أيّامك تتلألأ شُهبًا، وتحتفل في مشهدٍ بهيجٍ، من مسندم إلى صرفيت، ومن صور إلى البريمي. ولكن، بأيِّ ثوب تتوشّح عامنا هذا أيها الشّهر المجيد؟ وإنْ كنت اليوم تزهو بحلة عهد هيثم السّعيد، فلنا مع نوفمبرنا الذي عرفناه ذكرى باقية لن تغيب، نترقب فيه الغائب عنَّا بشغفٍ فريد، قابوس الخالد فينا، لك منَّا عشقًا لن يحيد. نم سيدي مطمئن القلب، فعُمان متجددة بما ورّثت من مُنجزٍ تليد.

تأخذني الذكرى حيث الثامن عشر من نوفمبر قبل عام ولّى، وقلوبنا ترقص طربًا، بِطَلَّة آسر القلوب زمنًا مُفدّى، بعيونٍ تُناظر شاشات التّلفاز موكبًا سنويًّا، وبهيبة السّلاطين يقف سُلطاننا الراحل شامخًا أبيًا. وكما عهدناه تسعة وأربعين عامًا، ظهر قابوسنا عسكريًّا قويّاً. فأمعنتُ النظر في هيئته حينها، وأطلت النظرَ. ودمع القلب يسبق الفكر متأملاً: أيها المواطنون، قابوس مودعًا. فكان حفل توديع ببدلة زي عسكري مهيبة، ليبقى مشهدًا بقلوبِ العمانيين راسخًا، وبعقولهم متجذّرًا. فقاب قوسين أو أدنى، مُنبِئًا بموعدٍ لم يطل انتظاره طويلًا، وترجلّ فارسنا عن صهوة جواده فعليًّا، فكان رحيلًا أبديًّا مؤكدًا. إذ كان عام كئيبًا مليًّا، واكتست معه عُمان قاطبة جلبابًا أسودًا، فَصَبِرنَا على غصةِ الفقد مُحتسبين أجرًا.

توالت الأيام والشهور سريعًا، ونوفمبر بأعلامه مرفرفًا خفاقًا، لعامٍ يُنبئ بمستقبلٍ طموحٍ لعُمان، وفق رؤية ستُعانق يناير القريب، ليبدأ مرحلة أراد لها السّلطان قابوس، يقودها السّلطان هيثم بكل عزة وشموخ. فتشرق شمس التَّفاؤل والأمل لعُمان الأجمل. فأهلًا بك نوفمبر العهد الجديد، وحيّا برجال قابوس المخلصين، فكل عام وأنتم آمنين، ومستقبل بلادنا في رخاء وسؤدد. فهلم نبدأ عامنا القادم مستبشرين، بعالمٍ أرحب، وعيشٍ أرغد.

تحتفل الدول عادة بأيامها الوطنيّة؛ احتفاءً بمنجزات أعوام أدبرت، وبهجةً باستقلالها عن احتلال سنين مضت. وفي عُمان يأتي يوم النّهضة العُمانيّة هذا العام وسط مشاعر ممزوجة بحنينٍ لبانيها، وقلق الواقع في ظروف استثنائيّة لم يشهدها الجيل الخمسينيّ ولم يألفها. فما بين أزمات اقتصاديّة وصحيّة، تعمل البلاد بكل السُبل تخطّيها؛ لأجل عُمان ومن فيها. وعُمان اليوم تناديكم صغارً وكبارًا، وفاءً لأرض احتضنتكم سنينًا، فإنْ لم نكن نحن لها، فمن لها سيكون؟

أبناء عُمان الأوفياء: ها هي أيام نوفمبر تُشْرِق مُجدّدًا، فلنختلق معها سُعدًا استثنائيًّا، كاستثناءات كثيرة شهدناها هذا العام. فليكن للبهجة مكانًا، ولمواصلة العطاء طريقًا. فالفأل بخير قادم واجب وإيمان . والتّكيف مع الواقع ثقة وإباء.  فما أجمل صور البهجة بين هنا وهناك، بكل شبرٍ من عُمان، مستبشرين عهد تتوالى فيه المنجزات لمستقبلٍ زاهرٍ؛ لرقي الإنسان العُماني امتدادًا لماضٍ عريقٍ. وفخرًا بفكرٍ سديدٍ.

ختامًا وليس بختامٍ، فلنا مع نوفمبر حكاية صاغها الزمان، استمرت ما يقارب الخمسين عامًا، وستستمر. وها نحن نعيش أيامه النوفمبرية بولاءٍ وعرفانٍ برغم الحال والأحوال، متفائلين كما كنا، وبإذن الله تعالى سنبقى. فلنحتفل أبناء عُمان، ولنحتفي بمنجزات نصف قرن قادها المغفور له بإذن الله تعالى السّلطان قابوس بن سعيد، ولنبارك لعُمان المجد قائدًا وشعبًا يومهم الوطنيّ، مواصلين بناء دولتنا العصريّة بإرادةٍ متوهّجة وعزيمةٍ متوقّدة، مُنشدين بصوتٍ واحدٍ : فارتقي هام السّماء، واملائي الكون الضّياء، واسعدي وانعمي بالرّخاء.

 

  

 

تعليق عبر الفيس بوك