خلال ورقة عمل ضمن أعمال "منتدى عمان البيئي"

عبدالأمير العجمي: "تنمية نفط عمان" تحرص بشدة على دعم جهود استدامة البيئة ووضع حلول مبتكرة لصونها

...
...
...
...
...

 

مسقط- الرؤية

 

قدَّم المهندس عبد الأمير بن عبد الحسين العجمي المدير التنفيذي للشؤون الخارجية والقيمة المضافة بشركة تنمية نفط عُمان ورقة العمل الرئيسية في منتدى عمان البيئي في دورته الرابعة أمس.

واستهل العجمي ورقة العمل بالإشارة إلى ما تنعم به السلطنة من بيئة فريدة بسهولها وجبالها، وعيونها وأفلاجها، وشطآنها وبحارها، فجمعت بحق أنماطا متباينة يعز وجودها مجتمعة في دول أخرى، وأصبح الرهان في الحفاظ عليها شديدا، واستدامتها والمبادرة إلى تعزيزها حتماً لازماً، ولعل مما يزيد الأمر صعوبة أن هذه المسؤولية مسؤولية فردية قبل أن تكون مؤسسية، ومن ثم كان رفع الوعي البيئي لدى أبناء المجتمع ضرورة لا محيد عنها لتحقيق الغايات والخطط المنشودة.

 

 

وقال العجمي: "إننا نقف على أعتاب الدخول في تنفيذ رؤية متكاملة وشاملة ترمي إلى جعل عُمان في مصاف الدول العشرين الأفضل أداء في المجال البيئي في عام 2040، مشيرا إلى الجهود المبذولة في هذا المجال، ومن بينها ما تضطلع به شركة تنمية نفط عمان من جهود حثيثة متوخية تحقيق أهداف رؤية عمان، وإيجاد بيئة متوازنة ومستدامة".

وأكد العجمي أن شركة تنمية نفط عُمان ليست بمعزل عن هذه المبادرات البيئية؛ فبيئة عملها المتمثلة في إنتاج النفط والغاز واستكشافهما تشكل خطورة لا يستهان بها على البيئة ومواردها إن أسيئ إدارة تلك الأعمال، لهذا حرصت الشركة منذ القدم على أن تكون جهودها في استدامة البيئة وإيجاد الحلول المبتكرة متوازية مع خط سير أعمالها، فلا تقدم على أي نشاط جديد قبل إيفائه حقه من الدراسة المستوعبة لجميع الآثار البيئية المحتملة.

مبادرات وطنية

وأشار العجمي إلى المبادرة الوطنية الطموحة التي دُشنت خلال العام الجاري بالتعاون مع هيئة البيئة، وتسهم الشركة فيها بنصيب وافر، وهي "المبادرة الوطنية لزراعة 10 ملايين شجرة برية". وقال: "كل منا يعلم ما اعترى الغطاء النباتي في السلطنة من تدهور في العقود القلائل المنصرمة، ومن هنا أتت هذه المبادرة ابتغاء زيادة ذلك الغطاء النباتي، وإشراك المجتمع في المحافظة على البيئة، والاستفادة اقتصاديا من بعض الأنواع النباتية. ولا ريب أنَّ العبء ثقيل، والأمد دون تحقيقه تكتنفه صعوبات جمة، ولكنا على ثقة بأنَّ الوعي المجتمعي والجهود المؤسسية كفيلة بتحقيق تلك الغايات النبيلة بحلول عام 2030 حسب ما هو مخطط".

وأضاف أنَّ الشركة ليست حديثة عهد بهذه المبادرات، فلطالما طبقت مبادرات زراعية مشابهة في شتى مناطق عملياتها، وذلك بدعم كريم من فريق هيئة البيئة ومختلف الوزارات؛ حيث جرى زراعة آلاف من الأشجار المنتمية إلى البيئة العمانية في مواقع متعددة مثل: حقول الخوير، وفهود، وقرن علم، ومرمول، لكننا نأمل- بفضل هذه المبادرة الوطنية ذات النهج التعاوني- أن نوسع مشاريعنا الزراعية لتغطي مساحات أرحب غير مقتصرة على مكان دون آخر، بل أن تكون شاملة لجميع محافظات السلطنة ومناطقها.

وأشار العجمي إلى أنَّ استغلال مصادر الطاقة المتجددة يمثل أحد أهداف رؤية "عمان 2040"، وقد أولت الشركة هذا الجانب اهتماماً بالغاً، ونفذت عدة مشاريع مبتكرة، وما زالت تسعى دائبة في الاستفادة القصوى من الإمكانيات العظيمة المتاحة للسلطنة في هذا المجال، لا سيما الطاقة الشمسية التي لم تستغل حتى الآن الاستغلال الأمثل رغم جدواها الاقتصادية في السلطنة، وآثارها الصديقة للبيئة، ومن آخر جهود الشركة في هذا المجال تشغيل مشروع "أمين" للطاقة الكهروضوئية الذي تبلغ سعة إنتاجه 100 ميجاواط، والذي سيمد عمليات الشركة بالطاقة اللازمة. وبين أنَّ هذا المشروع الرائد سيسهم في تخفيض استخدام الشركة للغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة، كما سيؤدي إلى تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يربو على 225 ألف طن سنوياً.

وذكر أن من المشاريع المميزة كذلك، مشروع "مرآة" لتوليد البخار من الطاقة الشمسية لاستخدامه في عمليات الاستخلاص المعزز للنفط في الشركة في حقل أمل، ويبلغ معدل إنتاج هذا المشروع ألفي طن من البخار يومياً بما يعادل 300 ميجاواط من الطاقة الحرارية، لافتاً إلى أن لهذا المشروع أثر كبير في تطوير قطاع الطاقة المتجددة في السلطنة، وتعزيز المواهب العمانية في هذا المجال، فضلا عن أثره الإيجابي في البيئة المتمثل في خفض حرق الغاز الطبيعي.

الطاقات المتجددة

وضرب العجمي أمثلة أخرى تعكس استغلال الشركة للطاقة الشمسية، ومنها: مشروع توليد الكهرباء من مواقف السيارات في منطقة ميناء الفحل؛ حيث نجحت الشركة في تركيب آلاف الألواح الكهروضوئية التي تزيد طاقتها الإنتاجية- عند الذروة- عن 10 ميجاواط، وتغذي الطاقة المولدة الشبكة المحلية، وتسهم بجزء كبير من الطاقة المستهلكة في ميناء الفحل، كما استطاعت الشركة أن تنجز مشروعاً مشابهاً له في مواقف السيارات في المقر الرئيسي لوزارة الطاقة والمعادن، واضطلع بتنفيذه عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة. وهذه المشاريع الرائدة أمثلة ناجحة يمكن تطبيقها بيسر في مختلف مؤسسات الوطن، وسيكون لها بلا ريب أثر بالغ في تعزيز ثقافة تبني مصادر الطاقة المتجددة، والسعي وراء الحلول الصديقة للبيئة.

وقال إن الشركة شرعت في دراسة حلول جديدة مبتكرة في عملياتها؛ كاستغلال طاقة الهيدروجين في أجهزة حفر الآبار عوضاً عن المولدات التي تعمل على الديزل، وترى أن الفرص كثيرة جدًا، غير أنها لم تكشف عنها حتى الآن، لكن في الوقت نفسه، نرى أن الجهود الوطنية والحكومية لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تزايد مستمر، والوعي المجتمعي في ارتفاع مطرد، وهو ما نرجو أن تزداد وتيرته في السنوات المقبلة.

وأشار العجمي إلى أن أولوية "البيئة والموارد الطبيعية" في رؤية "عمان 2040" تتضمن أهدافا لتحقيق بيئة ذات جودة عالية وخالية من التلوث، وإيجاد اقتصاد أخضر ودائري، ورفع الوعي البيئي فيما يتعلق بقواعد الاستهلاك والإنتاج.

وقال إن الشركة اضطلعت بعدة مبادرات ومشاريع تهدف إلى تحقيق تلك الغايات، وتذليل السبل التي تحول دونها، إدراكا لأهميتها، وتأكيدا على دور الشركة الفاعل في البلاد في رفد الاقتصاد الوطني والحفاظ على مقومات البلاد البيئية في آن واحد، بل إن ذلك في صميم أولويات الشركة ومبادئها، فكما يقال: "لا ضرر ولا ضرار".

وأبرز العجمي عدة أمثلة لجهود الشركة في هذا المجال، وقال إنه فيما يتعلق بإيجاد بيئة ذات جودة عالية وخالية من التلوث، فقد نفذت الشركة مشاريع متنوعة لاستغلال الطاقة المتجددة، والتي تسهم بصورة كبيرة في تحسين الأوساط البيئية والحد من التلوث. وأضاف أنه علاوة على ما سبق من مشاريع، فهناك أيضا مشروع نمر للأراضي الرطبة أو ما كان يعرف سابقا ببحيرات القصب الاصطناعية، ذلك المشروع الذي صير أراض قاحلة في وسط الصحراء إلى واحات نضرة أصبحت موئلا لأكثر من 140 نوعا من الطيور والحيوانات، وأسهم في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 225 ألف طن سنويا وتنقية 175 ألف متر مكعب يوميا من المياه طبيعيا.

وبين العجمي أن فكرة هذا المشروع تقوم على معالجة المياه المصاحبة لإنتاج النفط في عمليات الشركة، ومن ثم تنقيتها باستخدام الطحالب والكائنات الحية الدقيقة التي تعيش بين جذور نباتات القصب.

وأكد أن الشركة ملتزمة بمبادرة البنك الدولي لإيقاف الحرق الروتيني للغاز بحلول عام 2030، لافتا إلى أن العمل جار على تخفيض مقدار الغاز المحروق؛ مما يساعد على خفض مستوى انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

الاقتصاد الدائري

وفيما يتعلق بجهود إيجاد اقتصاد أخضر ودائري، قال العجمي إن هناك توجه كبير للسلطنة نحو الاقتصاد الأخضر، وهو مفهوم واسع يشمل إيجاد بيئة نظيفة تدفع بعجلة التنمية الاقتصادية قدمًا، ويراعى في هذا الاقتصاد شتى المناحي البيئية؛ كالحد من التلوث، وتعزيز الموارد الطبيعية، واستغلال مصادر الطاقة المتجددة، وخفض انبعاثات الغازات الضارة.

وأوضح أن الشركة نظمت في عام 2019 مجلسا حواريا بعنوان "الاقتصاد الأخضر"، وتضمن مناقشات حول الفرص الاستثمارية للسلطنة في هذا المجال، والتحديات والعقبات الحالية، وضرورة وضع خارطة طريق لتنفيذ تلك الفرص المتاحة.

ومن الناحية العملية للسعي نحو تحقيق أهداف الاقتصاد الأخضر، قال العجمي إن ما بذل حتى الآن غير كاف لتحقيق غايات رؤية "عمان 2040"، بل ما يزال أمام السلطنة شوط بعيد للانتقال إلى هذا النوع من الاقتصاد، والاستفادة منه حق الاستفادة، معربا عن ثقته في حدوث ذلك في المستقبل القريب، بما نراه من اهتمام متزايد في هذا المجال في شتى مؤسسات الوطن.

وتطرق العجمي إلى رفع الوعي البيئي فيما يتعلق بقواعد الاستهلاك والإنتاج، وقال إن الجهود والمشاريع البيئية مهما عظمت وتتابعت، وعلى أي صورة اتسعت وتنوعت، فلا سبيل إلى استدامتها دون وجود وعي فردي- قبل أن يكون مؤسسيا- بضرورة الحفاظ على النظم البيئية وتغيير أنماط السلوك المتبعة في التعامل مع البيئة. وأكد في هذا الصدد أن هذه الجهود ينبغي أن تتسم بالتكاملية وأن يشترك فيها جميع أبناء المجتمع، ومن ثم لا مناص من رفع الوعي العام بضرورة الحفاظ على البيئة وإعادة النظر في السلوكيات الخاطئة التي ربما اعتدنا القيام بها دون وعي بعواقبها الوخيمة على بيئتنا.

وأشار إلى أنَّ الشركة شرعت عام 2019 في تنفيذ حملةٍ للحد من البلاستيك المستخدم لمرة واحدة في مقرها في ميناء الفحل، وذلك إثر تشكيل فريق عمل بمشاركة هيئة البيئة، وجمعية البيئة العمانية، لتحديد أفضل الممارسات، وتطوير الاستراتيجيات. وأوضح أن تلك الجهود نجحت في جعل مقر الشركة بمسقط خالياً من المواد البلاستكية التي تستخدم لمرة واحدة، وما كان لتلك الحملة أن تتكلل بالنجاح لولا ما بذل من جهود توعوية حثيثة شملت على سبيل المثال تنظيم أكثر من 20 حلقة توعوية داخلية وخارجية لأكثر من 3 آلاف موظف.

وقال العجمي إنَّ اعتماد السلطنة على مياه الأمطار والمياه الجوفية التي زاد استنزافها في السنوات القليلة الماضية يملي علينا النظر في أساليب جديدة لترشيد استخدام المياه، والتقليل من الحاجة لبناء محطات تحلية المياه، ولقد كان للشركة تجربة ناجحة في هذا المجال؛ إذ تمكنت في عام 2019، من تقليص استخدامها للمياه في مقرها الرئيسي في ميناء الفحل بنسبة 80%، وذلك عن طريق تركيب فوهات موفرة للمياه على الصنابير، وهذه نسبة كبيرة لا سيما إن علمنا بأنها تمثل 22% من الاستهلاك الكلي للمياه في منطقة ميناء الفحل. ولفت أيضا إلى الجهود المتضافرة التي تصرف إلى مجال معالجة النفايات وفق طريقة صديقة للبيئة، في مختلف مناطق عمليات الشركة.

عقب ذلك، قام معالي الدكتور وزير الإسكان والتخطيط العمراني بمعية المكرم حاتم الطائي، بتكريم المشاركين في المنتدى والشريك الاستراتيجي والرعاة والداعمين.

تعليق عبر الفيس بوك