أمثلة بين التشريع والنتائج

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

‎لن ادعي يوماً الجزم بالمعرفة المطلقة بين الصحيح أو غير ذلك، وفي ما إذا كانت الإجراءات المقدرة طبعاً هي في الحد الأقصى والأفضل لتصحيح الوضع الاقتصادي ذلك أنَّ القائمين عليها لديهم كل التفاصيل والمُعطيات التي تساعدهم على ذلك، غير أنَّ الجزم فيما أرى وبكل تأكيد أننا يمكن أن نكون أفضل وفي كثير من الجوانب إذا كانت رؤية التصحيح تنطلق من الشمولية المُجردة من كل قيود وألا تكون وقعت في تضارب المصالح.

ذلك أنَّ الوطن به من المُقومات المُتكاملة ليكون الأفضل وفي كل شيء بإذن الله تعالى، وبعيداً عن الفكر المُوجه نحو تحفيز وتطوير الاقتصاد وحينما ذكرت في واحدٍ من مقالاتي أنَّ الملف الاقتصادي لم يعُد بيد الاقتصاديين فإنَّ مفهوم التعديل وحينما تواجه الدول مصاعب معينة فإنَّ كل ما يملك الوطن ومفكروه في بعض الأحيان هو ذلك البحث الحثيث والدقيق والمتكرر في صندوق معين وفي كل مرة يُعاد البحث يتم الحصول على أجزاء مجزأة من المال لا يلبي الطموح وقد يكون أول الأسباب أن ما يتم البحث عنه ليس في ذلك الصندوق أصلاً ولذلك تكون الحاجة إلى توجيه البحث عن ما هو مطلوب في صندوق آخر تماماً لا يراه ولا يُمكن معرفته من قبل بعض المختصين لأنهم تمرسوا على التعامل المُباشر مع المال لذلك كان للدائرة أن تكون أكبر وكذلك إشراك كل أطياف المجتمع وبذلك يمكن حتماً الوصول إلى الأفضل، اليوم أضع بين يدي أصحاب القرار جانباً هاماً جداً وإن أهميته تصل إلى الحد الذي يجعله واحداً من أسباب استمرار وجود الإنسان لأنَّ الكثير من القرارات التي ترفد الخزانة بالمال من المنظور العام قد تسبب التنازل عن بعض المثل العُليا للمجتمع وهي الأهم بكل المقاييس حتى من الجوع نفسه.

‎لقد سبق وأنشئت بعض الوزارات للسيطرة على قوانين المياه مثلاً وأعطي القائمون عليها قوانين مكتوبة لا حياد فيها وعليهم تطبيقها ولقد نفَّذ القائمون على هذا العمل واجبهم بكل إخلاص وتفانٍ ولأنَّ المشّرع والقائم على سن القوانين تتجه رؤيته إلى جانب واحد فقط فإنَّ المواطن ومن حبه للأرض والزراعة وارتباطه الأزلي بها ولعدم وجود أي وسيلة لإيجاد حلول عملية ومساحة مُناسبة في التعامل مع هذا الجانب وليس أقل مثالاً عندما تكون الأرض زراعية ومن الصعب أن تجد موافقة لحفر بئر مثلاً لذلك قد يكون التوجه للبحث عن الماء بطرق خاصة، وقد تكون عمالة متنوعة وبآلات مختلفة تفننت في إيجاد الكثير من الوسائل لجعل هذا الأمر متاحاً وبكل يسر؛ فإذا كان البديل أصبح سلوكاً معروفاً ومقبولاً من فئات مختلفة في المجتمع فماذا حققنا بذلك القانون وذلك الجمع الكبير من المُوظفين ومن يستطيع اليوم حصر ما يتم عمله وما هو مصير الأفلاج ومن هو السبب بين مواطن يحب أرضه وبين مشّرع لم يعطِ للوزارة المساحة المناسبة للتعامل مع هذا الملف فهل هذا مناسب لاستمرار حضارات الدول؟!

‎اليوم نحن في أمر مشابه تماماً بل وإنه أشمل بكثير في موضوع رفع الدعم عن الكهرباء فنعم قد يكون رافداً هاماً للوطن ونحن جميعاً لاشك مع توجه الوطن غير أنَّ الأمر وإذا كان فوق مقدرة الفئات التي سيرفع عنها مثل الشركات والمؤسسات فقد يكون ذلك سبباً كبيراً لإيجاد الحلول بطرق أخرى سيستفيد الباحثون في أسواق البدائل لجعل ما يدخل في صندوق الحكومة أقل من المتوقع وقد يكون الفاقد في المُحصلة العامة للكهرباء وكذلك المياه أكبر مما يمكن دخوله في الخزانة العامة فمن سيدفع فاتورة هذا الفاقد هل هي الحكومة التي أثقل كاهلها في كل شيء ومن كل شيء أم الشركات وهل تمَّ سن القوانين والإجراءات المناسبة لذلك وهل ستدفع الشركات من خلال قوانين ملزمة لها قيمة الأجهزة وفوارق المبالغ المفقودة أم أنَّ الفاتورة ستكون على كاهل الحكومة أو المواطن؟!

‎ سوف أغدو شاكراً لو أنَّ دراسة ميدانية دقيقة تمت في أمر مشابه تماماً وهو المبالغ المحصلة من العمالة الوافدة وكم هي الفئة التي تدفع الرسوم عندما تمَّ رفع النسبة السنوية التي أصبحت تلامس الأربعمائة ريال  وهل كان الأفضل كمحصلة عامة أن يدفع الجميع مبلغاً أقل سيكون مجموعه أكبر وقانون الوطن مهاباً أو أن نسبة قد لا تصل إلى 40%  هي من يدفع هذا المبلغ الكبير ومحصلته العامة أقل وهل هو واقع اليوم أن التجارة غير القانونية ازدهرت وذلك باستقدام العمالة لفترة مُحددة بعدها يترك دون تجديد حتى الإمساك بالعامل وإبعاده بالطرق الحالية وإلى متى؟

لذلك.. إنني أتمنى أن تكون القرارات الوطنية العُليا مدروسة من كل الجوانب ومن كل الفئات التي يمكن أن تكون رؤياها أشمل وأكبر من المنظور المحدد والذي قد تكون له جوانب أخرى أكبر ضرراً في بعض الأحيان وقد يكون ذلك على المدى البعيد أكثر ضرراً من حل المصاعب المالية.