نهضة تعليمية متجددة

عبدالوهاب بن عبدالكريم البلوشي

كان يحدوني الأمل في أن تستغل وزارة التربية والتعليم ظروف الجائحة التي نمر بها وتتخذ قرارا جريئا بتعطيل الدراسة بالكامل لهذا العام؛ انطلاقا من الحرص على عدم المجازفة والمخاطرة بحياة الطلاب، والانتظار إلى حين أن تتضح الرؤية في التعامل مع الجائحة، وما ستؤول إليه أنماط التعليم الإلكتروني، وكيف سيتم التكيف معها مستقبلا.

على أن تستغل الوزارة العام الجاري لمراجعة المنظومة التعلمية برمتها وإعادة هيكلتها وتطوير المناهج التعليمية بإدخال النظريات والمفاهيم التربوية الحديثة التي تنمِّي التفكير النقدي والإبداع، وتواكب العصر ومُتطلباته من خلال التركيز على دراسة علوم التقنيات والبرمجة، فضلا عن تعليم الطلاب الإدارة المالية الفردية.

.. إنَّ الظروف الاستثنائية التي نعيشها على كلِّ صعيد قد تُشكل فرصة ذهبية لتحقيق نقلة نوعية في مواءمة المنظومة التعليمية مع الثورة الصناعية الحديثة، ومع متطلبات تحقيق أهداف التنمية المستدامة بما يتوافق مع رؤية 2040، والتي تحتاج إلى مواطن متسلح بأحدث أنواع التعليم البرمجي وخبير بالذكاء الصناعي والتسويق الرقمي وأتمتة العمليات وتحليل البيانات الضخمة، ويكون شعار هذه المرحلة "النهضة المتجددة في التعليم"، وأن يتم العمل على تحديث المناهج بحيث تركز على تأهيل المخرجات لتشغل الوظائف المستقبلية، وتجهزهم للغد في ظل تحول العمل إلى الروبوتات والتي حسب رأي الخبراء ستنهي 85 مليون وظيفة خلال الخمس السنوات المقبلة.

ولدى مراجعة المنظومة التعليمية والمناهج الدراسية، أرى أهمية الوقوف على ما يلي على نحو دقيق وواضح:

1- ما هو الهدف النهائي من التعليم؟ أي (لماذا يتم استقطاع 12 سنة من عمر الأبناء فيما يسمى بالتعليم).

2- كيف سنوظف هذه المعارف المكتسبة خلال السنوات الاثنى عشر في المجالات الوظيفية بالسلطنة؟ وما هي الفائدة المرجوة لكل من الأبناء وأولياء الأمور والدولة؟ وبشكل أدق: هل نريد منهم أن يكونوا جزءا فاعلا في بناء المجتمع من خلال تزويدهم بالمهارات والقدرات الذهنية والنفسية والفنية التي تمكنهم من التفكير والإسهام لبناء الوطن؟ أم المطلوب أن نحشو أدمغتهم بالمحفوظات وبمعلومات لن يستفيدوا منها في حياتهم العملية والوظيفة شيئا؟

3- إعداد منظومة تعليمية وتأهيلية للمعلمين مبنية على الدور المنشود منهم والواجبات المنوطة بهم في المرحلة المقبلة، ووضع آلية فاعلة لتقويمهم وتوجيههم والإشراف عليهم لضمان تحقيق الأهداف المرسومة.

4- توفير البنية الأساسية والأدوات اللازمة للمنظومة التعليمية الأكاديمية والتقنية، واعتماد الأنماط الأنسب للتعليم في مراحله المختلفة؛ سواء كانت على سبيل المثال التعليم الترفيهي أو التعليم التفاعلي أو التعليم الافتراضي أو إدخال الألواح الرَّقْمِيَّة والتطبيقات والبرمجيات كركيزة أساسية بالتعليم الحديث وكافة الوسائل الأخرى اللازمة للمنظومة حتى تعمل بشكل فاعل ومدروس.

من الأهمية بمكان أن تكون البرامج التعليمية واضحة المعالم؛ بحيث تمكِّن أبناءنا من اختيار المسار التعليمي أو الفني أو المهني المناسب لهم لاستكمال مشوارهم ما بعد الثانوية، والذي سيمكن البلد من الاستفادة القصوى من قدرات هذه الأجيال في بناء الاقتصاد المعرفي، والمساهمة في تحسين وتطوير كافة نواحي الحياة في هذا البلد العزيز الغالي.

تعليق عبر الفيس بوك