سرقات العصر الجميلة!

فوزي عمار

مظاهر أخرى لسرقات العصر الحديث تقوم على أساس البرمجة اللغوية مثل تمرير مصطلحات ذات جرس موسيقي وقيمة كمصطلح الديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان وحماية المدنيين الذي تستعمله الدول الكبرى لاحتلال دول أخرى تعبث بمقدراتها وتسرق مدخراتها تحت أسماء وعناوين جميلة براقة.

إنها سرقة في وضح النهار يصفق فيها المسروق للسارق. آلياتها الإعلام والبروباقندا الإعلامية والقوى الناعمة، تلك الآلة الجهنمية التي أجاد الغرب لعبتها وأعطى لها مصداقية كبرى وجند لها أسماء كبرى من قادة الرأي غربية وعربية، حتى أصبح المتلقي أسير هذه الآلة سواء التلفاز أو وسائل الميديا الاجتماعية التي تدخل دار نومك وتخلق رأياً عاماً حتى داخل أسرتك يرضخ لرأيها الجميع حولك وتأسر الأغلبية بما تنقل وطريقة نقل الخبر وتصيغ الخبر وفق رؤيتها وبالصيغة التي تجعلك أسيراً لها ولقناعتها لإقناعك أنت وتجعلك أنت تصل إلى النتيجة التي تريدها هي بناء على مقدمات مغلوطة تضعها أمامك، فهي تخاطب ذكاءك وتظهر أنك أنت صاحب الرأي وليست هي في عملية شديدة الذكاء والتعقيد؛ إنها سرقات العصر الجميلة.

وفشلت الأنظمة العربية في التعامل مع هذه السرقات فاهتمت بقوة السلطة ولم تهتم بقوة الدولة فقوة السلطة هي المنع من خلال الأجهزة الأمنية وقوتها أما قوة الدولة فهي قوة التنمية والاصطفاف وراء المشروع.

جاءت الثورة الرقمية وأصبح التواصل مباشرًا مع الجماهير دون المرور بالبوابة الأمنية القديمة التي تنصب شرطياً شبه أمي في بوابة أو مطار بينما أصبح تنزيل كتاب عبر الهاتف والحاسوب في دقيقة دون أن يشعر حارس البوابة.

وأصبح المواطن نكاية في الحكومة يتماهى مع ما هوعكس السلطة في عملية خلط لا تفرق بين الحكومة والدولة؛ فالدولة أهم وأشمل وهي الوطن أما الحكومة والسلطة فهي متغيرة وعرضة للنقد والمحاسبة والاختلاف معها يجب أن يكون جزءا من مشروع وطني وليس تخويناً أو تكفيرا.. فالدين لله والوطن للجميع.