خارطة الحلفاء والشركاء تتجه نحو تغييرات جذرية

عالم ما بعد الانتخابات الأمريكية.. قليل من الدبلوماسية كثير من الدمار والغوغائية

ترجمة - رنا عبدالحكيم

بات من المرجح أنَّ الانتخابات الأمريكية المقبلة ستمثل لحظة حاسمة في تحديد كيفية اختيار الولايات المتحدة لحلفائها وشركائها في السنوات المقبلة، بعدما أجمع محللون على أنَّ مواجهة بايدن ضد ترامب هي الخيار الأكثر وضوحًا بين رؤيتين مختلفتين للسياسة الخارجية.

وفي تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، قالت ريبيكا ليسنر المؤلفة المشاركة لكتاب "عالم مفتوح"، وهو كتاب جديد عن الانتخابات: إنَّه وفي انتخابات ستحدِّد الكثير عن مستقبل أمريكا والعالم، لم تقُل حملة ترامب سوى القليل جدًّا عن نواياها، وأنتجت ما يجب أن يكون أقصر بيان في سجلات السياسة الأمريكية، حيث ظهرت السياسة الأمريكية في وقت متأخر من الحملة، وكانت عبارة عن 54 نقطة، خمسة منها تتعلق بالسياسة الخارجية، و41 كلمة مقسمة إلى حفنة من الشعارات مثل: "اقضِ على الإرهابيين العالميين الذين يهددون بإيذاء الأمريكيين".

ولفت انتباه ليسنر أنَّ كلمة "المناخ" -كقضية وأولوية عالمية اليوم- لم ترد مطلقا، سوى في نقطتين حول شراكة مع بلدان أخرى "لتنظيف" المحيطات، والتعهد بـ"الاستمرار في قيادة العالم في الحصول على أنظف مياه شرب وهواء أنظف". وعلقت بأن هذا يحدث بينما لا تزال الولايات المتحدة ثاني أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، إذ يبلغ متوسط البصمة الكربونية لأمريكا ضعفيْ ما لدى المواطن الأوروبي أو الصيني.

وبالمقابل من هذا التوجه الذي يمثله الرئيس الحالي، يتعهد جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستعود للانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ في اليوم الأول من رئاسته، كما شن حملة دبلوماسية لتحقيق أهداف عالمية طموحة. إضافة لتعهَّده بجعل أزمة المناخ أولوية للأمن القومي ووضع خطة لإنفاق تريليوني دولار على البنية التحتية للطاقة النظيفة والاستثمارات المناخية الأخرى.

وفيما يتعلق بالخطر الوجودي الثاني، المتمثل في انتشار الأسلحة النووية، فبحسب ليسنر فقد أصبح المشهد أكثر قتامة على مدى السنوات الأربع الماضية. حيث قدَّم عرض صاروخ باليستي جديد عابر للقارات في بيونج يانج نهاية الأسبوع الماضي دليلاً صارخًا على أن كوريا الشمالية استمرت في بناء ترسانتها النووية على الرغم من دبلوماسية ترامب الفاشلة وجهاً لوجه مع كيم جونج أون.

وفي الوقت نفسه، تعمل الولايات المتحدة وروسيا -اللتان تمتلكان معًا أكثر من 90% من الرؤوس النووية في العالم- على تحديث وتوسيع ترساناتهما بأسلحة جديدة. وانهارت المعاهدة الأمريكية الروسية بشأن القوات النووية متوسطة المدى (INF) العام الماضي، وتنتهي آخر قيود متبقية عليها في فبراير مما يمهد الطريق لسباق تسلح جديد.

وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، يقول بايدن إنه سيبدأ حملة دولية مع الصين وغيرها لمحاولة تقييد بيونج يانج، لكن مثل هذه الحملات لم تثبت نجاحها من قبل. لا يمتلك أي من المرشحين إستراتيجية مقنعة لجعل كيم ينزع سلاحه. ولكن هناك اختلاف حاد في إيران؛ حيث يقول بايدن إن إحدى أولى مبادراته في السياسة الخارجية ستكون العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة إذا وافقت طهران على الالتزام بحدودها مرة أخرى. ومع ذلك، قد يكون من الصعب حشد الدعم الدولي والرضوخ الإيراني، بعد تجربة إدارة ترامب.

وبينما يرفض ترامب لعب أي دور في الجهود العالمية التي ترعاها الأمم المتحدة لتطوير توزيع لقاح فيروس كورونا، مظرًا تفضيلًا ثابتًا للتعامل مع المستبدين في الخارج، على شركاء أمريكا الديمقراطيين التقليديين. تعهد بايدن بعكس هذا الاتجاه، والتركيز من جديد على الشراكات مع الديمقراطيات خارج أوروبا وأمريكا الشمالية. في عامه الأول في منصبه، قال إنه سيستضيف "قمة من أجل الديمقراطية" عالمية، كوسيلة لتعبئة الرأي العام العالمي خلف الولايات المتحدة، وتجنب المأزق المزمن في مجلس الأمن الأمريكي.

وهناك مجال آخر يمكن أن يكون هناك استمرارية كبيرة بين إدارة بايدن وترامب وهو العلاقة العدائية مع الصين، والتي يقودها في جزء كبير منه نهج شي جين بينج الحازم بشكل متزايد تجاه الدور الصيني في آسيا والمحيط الهادئ. إذ لم تعد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى سياسة أوباما الأكثر ملاءمة لبكين أمرًا ممكنًا، لكن بايدن قال إنه يرى الحل لاحتواء الصين من خلال إعادة الاستثمار في تحالفات المحيط الهادئ، وهو ما خفضه ترامب في سعيه لإبرام صفقات تجارية ثنائية.

تعليق عبر الفيس بوك