حجب لعبة "ببجي"

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

لن يتوقف أعداء الإنسانية ولن أقول الإسلام هذه المرة عن إنتاج كل ما يُدمِّر شبابنا ويستنكف طاقاتهم وأموالهم وأنفسهم ويغرس فيهم (الإرهاب) بمعناه الحقيقي والواقعي، ولعبة (ببجي) كما يُطلق عليها أحد هذه الإنتاجات التي كان لها تأثير مُباشر وغير مُباشر على أبناء الوطن، وقد أدمنها عددٌ لا بأس به كما تدمن المخدرات وربما أشد، وأغلب من أدمنها قد يُدافع عنها دفاعاً مستميتاً وهذا حال المُدمنين.

ولعبة (ببجي) من الألعاب القتالية والتي تعتمد على استخدام الأسلحة والعداء للآخر وتطبيق عملي لقتل أي شيء له صلة بالحياة الإنسانية للوصول إلى هدف واحد هو الانتصار والذي يُعد انتصاراً وهمياً، وتعتمد اللعبة على اللعب الفردي والجماعي ليصل في النهاية فائز واحد، وقد انتشرت انتشارا مذهلا بين الشباب والشابات والأطفال لدرجة أنَّها شغلتهم عن الدراسة والأكل والشرب وممارسة الألعاب الرياضية وأبعدتهم عن أسرهم بل دخلوا في حالات عداء مع أسرهم نتيجة رفض هذه الأسر لهذا الضيف الثقيل الذي دمَّر حياة أولادهم، وأصابتهم بأمراض مختلفة كالإغماء والتشنج العصبي والذهول وغيرها.

وقد انتبهت العديد من الأجهزة الأمنية في عدد من الدول لخطورة هذه اللعبة وقامت بحجبها خوفاً من تفشي الجريمة والقتل والانتحار والعداء، وهذه الخطوة جاءت بعد أحداث مأساوية حدثت في هذه الدول وغيرها من الدول، وعندنا في السلطنة أدركت العديد من الأجهزة خطورة هذه اللعبة ولكن لا نزال نلزم الصمت الذي سيقودنا للندم مستقبلاً (ولَاتَ حِينَ مَنَاصٍ) فالقضاء عليها الآن مُمكن وسهل من خلال حجبها من الجهات المختصة بالجوانب الاتصالية والتكنولوجية وشبكات الإنترنت.

 

وقد حذَّر الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي مساعد مفتى عام السلطنة من لعبة (ببجي) وذهب إلى تحريم هذه اللعبة ذاكرًا حديثا شريفا عن الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول فيه (من لعب النردشير فكأنما غمس يديه في دم خنزير) وقاس الشيخ الحديث على مثل هذه اللعبة وغيرها من الألعاب التي تفضي إلى العديد من المخاطر التي تسببها مثل هذا اللعبة ولا يجد لها سبيل شرعي من ضمن الألعاب الخاصة بالتسلية والترفيه المباحين، وذكر خطورتها ومصائبها وما تفضي له من خسارة للدين والنفس، وأوضح أضرارها حتى في الدول المتقدمة التي أدركت خطورتها ومفاسدها على النفس والروح وإيذاء النفس والغير، والتمرد على كل القيم، ويرى الشيخ حرمتها حرمة مطلقة.

وإذا كانت الجهة الدينية قد أبدت موقفها الصريح والواضح من لعبة (ببجي) نتساءل أين هي الجهات المعنية الأخرى من القيام بدورها الوطني في الحفاظ على شباب الوطن وأطفاله والحياة الأسرية والمجتمعية؟ لماذا هذا السكوت المُطبق والمُخجل؟ ولماذا لا يتم الكشف عن أسباب حالات الانتحار والقتل في السلطنة وأسبابها؟ ولماذا يتم السكوت عنها بدون دراسة واقعية وميدانية خاصة تلك المتعلقة بالأطفال؟ وأين هي الدراسات الجامعية ونتائجها فيما يتعلق بخطورة هذه اللعبة وغيرها على المجتمع؟

أسئلة عديدة واستفهامات متعددة تقودنا إلى نتيجة واحدة هي القصور وعدم الاهتمام وتجاهل تطبيق قانون (درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج) وإنما نعالج المشكلة بعد تزايدها وتفاقمها ويكون العلاج غالياً ومكلفاً، إننا نُطالب الجهات المختصة بحجب لعبة (ببجي) لخطورتها المباشرة وغير المباشرة على النسيج الاجتماعي والصحي والاقتصادي والفكري والتعليمي، ودمتم ودامت عُمان بخير.