التنمية الإسكانية المستدامة

هشام بن عيسى الشحي *

إنَّ الحق في التنمية الإسكانية وضمان استدامتها هو من حقوق الأفراد المكفولة بالقانون العُماني، لكونهم محور عملية التنمية من خلال البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي ابتغاء توفير العيش الكريم للمواطنين، ولقد حظي هذا الحق باهتمام الجماعة الدولية في يومنا هذا، خصوصاً مع الظواهر الحديثة كالعولمة، الأمر الذي جعل الدول والمنظمات الدولية تلعب دورا هاما وأساسياً في تفعيل وتطوير هذا الحق، فالتنمية الإسكانية المستدامة تمثل حلقة الوصل بين البيئة والاقتصاد والمجتمع، وهذا يضمن للمواطنين تحقيق كرامتهم ليرتقي الجميع إلى حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية.

ومن باب العدالة الاجتماعية فقد تم إيجاد إطار تشريعي لتحسين مؤشرات التطور الإسكاني والعقاري والعمراني لتحقيق استدامة التنمية الإسكانية، كما تم إيجاد طرق لإشراك المواطنين في تحقيق التنمية الإسكانية المستدامة بتهيئة الأوضاع المؤاتية، حيث كان لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني الدور البارز في تحقيق هذه المفهوم من خلال التركيز على مفهوم التنمية الإسكانية المستدامة كحق أساسي من حقوق المواطنين في ظل الأسانيد القانونية الوطنية، وأخذ السلطنة بنصوص وقرارات الأمم المتحدة ومؤتمراتها الدولية لحقوق الإنسان، ومنها إعلان الحق في التنمية، وإعلان وبرنامج عمل فيينا الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المعقود في فيينا، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقرارات مؤتمر استكهولم، ومؤتمر ريو دي جانيرو، ومؤتمر جوهانسبرغ، وقرارات مؤتمر مركز المستوطنات البشرية بالأمم المتحدة (الموئل) في عام 1996م الذي عمل على تطوير مفهوم مؤشرات قطاع الإسكان وغيرها.

ونجد أنَّ المشرع العماني أعطى المكانة القانونية لحق التنمية الإسكانية المستدامة من خلال القوانين ذات الصلة، وأوجد آليات للرقابة على مدى تطبيق هذا الحق، بما يعود بالنفع على الإنسان ويكفل استدامته، ومحاولته حل المشكلات الإسكانية والعمرانية وتقليلها ومنع تزايدها، والبحث في الآليات الفعلية التي تكفل الحفاظ عليها، والنظر في البعد الاقتصادي لموضوع هذا الحق.

فالتنمية الإسكانية المُستدامة هي التنمية التي تلبي الاحتياجات الإسكانية للجيل الحاضر، دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها منه، فالإنسان هو موضوع هذا الحق، والتنمية الإسكانية المستدامة هي أحد سبل تحقيق التقدم الاجتماعي.

العلاقة بين الإسكان ومفهوم التنمية المستدامة

إن مفهوم التنمية المستدامة يرتبط بالإسكان من خلال الآتي:

  1. إن مفهوم التنمية المستدامة يشير إلى قدرات الناس وتحسين نوعية حياتهم من خلال تكوين رأس المال الاجتماعي لتلبية حاجات الأجيال الحالية دون تعريض حاجات الأجيال المستقبلية للخطر.
  2. مجالات التنمية المستدامة تتركز في أربعة مجالات رئيسية، وهي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والمؤسسية.
  3. يتداخل قطاع الإسكان والتخطيط العمراني تداخلا وثيقا مع كافة مجالات التنمية المستدامة والتي تهدف إلى تحسين حياة الأفراد باعتباره الخطوة الأولى لتحسين نوعية حياتهم، لما يوفره من استقرار لهم وبيئة صحية وآمنة مزودة بالخدمات الأساسية.
  4. لم يقتصر الاهتمام بقضايا الإنسان على المستوى الوطني للدول فحسب، وإنما عملت الأمم المتحدة على ترسيخ الاهتمام بقضايا السياسات الإسكانية والتنمية، وذلك بإقرار الإستراتيجية العالمية للمأوى عام 1988م.
  5. أدت جهود الأمم المتحدة في المجال الإسكاني إلى ظهور مفهوم (التنمية الحضرية المستدامة) الذي تبلورت مفاهيمه عام 1990 من خلال وضع برنامج لقياس مؤشرات الإسكان لربط سياسة قطاع الإسكان بعملية تخطيط الحكومات الشاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

التحديات التي تعيق تحقيق التنمية الإسكانية المستدامة في السلطنة:

إنَّ من التحديات التي تُعيق تحقيق التنمية الإسكانية المستدامة في السلطنة هي:

  1. غياب مفهوم المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص تجاه تنفيذ البرامج الإسكانية
  2. عدم قدرة البرامج الحكومية الإسكانية على الوفاء بطلبات الإسكان للمستحقين في الوقت الحالي بما يضمن للأجيال القادمة حصولها على المسكن، خاصة وأنَّ المجتمع العُماني مجتمع شاب مما يعطي مؤشرا للعدد الكبير من المواطنين الذين سيتقدمون لطلبات المنح والقروض والمساعدات الإسكانية.
  3. عائق نقص المؤشرات الإحصائية رغم نشر الحكومة السنوي للتقارير الاقتصادية والديموغرافية، والاجتماعية والبيئية، وهي لا تغطي مختلف المؤشرات لقياس التنمية المستدامة، إلا أنه يمكن توظيف مجموعة من المعلومات المتوفرة للخروج بطريقة جزئية عن هذا الواقع وذلك من خلال:
  •  ضمان الحيازة الآمنة قانونياً للأراضي
  •  تأمين حق الإنسان في المسكن الملائم
  •  إتاحة فرص متساوية للحصول على أرض للمسكن
  • تحسين وتطوير إتاحة الفرص المتساوية للحصول على قروض الإسكان لبناء المساكن
  •  تحسين وتطوير الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والاتصالات والصرف الصحي.

 

* محافظة مسندم - ولاية خصب

تعليق عبر الفيس بوك