دفع الشباب لسوق العمل

حمود بن علي الطوقي

 

نحنُ في السلطنة نتَّخذ من العبارات المضيئة للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مَناراً وبوصلة نستهدِي بها في سبيل تحقيق الغايات العظمى، وسأركِّز في هذا المقال حول اهتمام جلالة السلطان بفئة الشباب؛ فهم عماد الوطن.

وعندمَا نقرأ فكر جلالته -أيَّده الله- سنجد أنَّ الشباب يستحوذ على النصيب الأوفر من اهتمام المقام السامي، ويَكفيهم فخرًا أنْ قال فيهم في خطابه التاريخي: "إنَّ الشبابَ هُم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبنِي، هم حَاضِر الأمة ومُستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحق".

هذه الكلمات تُعبِّر عن مَدى حِرص المقام السامي على فِئة الشباب، ويجب على الجميع -الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع- الدفع بالشباب العُماني لأن يكون متميزًا في أي مجال، ويكون الشباب البصمة المضيئة لمستقبل عُمان، كما يجب أن ندفع بالشباب العماني للتميز في الفكر والإبداع والتفوق في العلم والمعرفة، وعلينا أن ندفع بالشباب إلى العمل والإنتاج، وتشجيعهم على تحمُّل المسؤولية، وأن يكونوا سندًا ومعولَ بناء من أجل التنمية.

كُلنا نُتابع باهتمام الجُهود التي تبذلها حكومة صَاحِب الجَلالة -حفظه الله- من أجل تمكين الشباب؛ فنتابع جهود وزارة العمل التي جاءتْ لترسم خَارطة طريق نحو إيجاد حلول مُرضية تُمكِّن الكوادر الوطنية من الالتحاق بالوظائف التي ستعزِّز مكانة القطاع الخاص بوظائف ما زالت حِكرًا على الوافد، وأجزم بأنَّ هذه الوزارة ستنجح في قلب الطاولة لحل هذا الملف العالق بالعديد من التحديات.

شخصيًّا.. مُتفاءل بالجهود التي تبذلها الوزارة الموقرة، وعلينا كمجتمع أن نقف مع هذه الجهود، ونكون عونًا لجهود هذه الوزارة، وعلينا أن نثق بأنَّ القاطرة ستدور من أجل إيجاد حلول مرضية تساعد الطرفين: الباحثين عن عمل والقطاع الخاص؛ من أجل تحقيق الأهداف الداعمة، والتي ستعود بالفائدة على المجتمع في حالة وجود حلول مرضية لحل مشكلة الباحثين عن عمل.

لا نُنكِر أنَّ هناك تحديات ستواجه وزارة العمل بسبب الزيادة المضطردة بأعداد الباحثين عن عمل، خاصة وأنَّه سنويًّا يتخرج عدد كبير من المواطنين الذين ينتظرون فرص التوظيف، وعلى هذا الأساس يجب على الوزارة أن تضع في الاعتبار أنَّ الأعداد التي تتخرَّج سنويا ستُضاف إلى الأعداد السابقة، وستزذاد حجم المشكلة في حالة عدم وجود خطة مُحكَمة لرفد سوق العمل بالوظائف التي يحتاجها القطاع الخاص، ويقبل الشباب العماني العمل في هذه الوظائف.

يُمكننا الجزم بأنَّ مرحلة التوظيف التي أعقبت أحداث 2011، ذلك التوظيف المفتوح، الذي قلّص رقم الباحثين عن عمل، هي بداية هذا التكدس، لكننا -في الوقت ذاته- نظنُّ أن الحلول مُمكنة، وتطبيقها وارد، متى ما تم تبادل البيانات الرقمية للاحتياجات ونوعياتها بين المؤسسات الحكومية، بما يخدم الصالح العام.

لهذا؛ نرى من الضروري أنْ تشجِّع الحكومة وتدفع بالموظف الجديد قبل الالتحاق بالعمل بإيجاد قنوات تدريب على رأس العمل لمدة لا تقل عن ستة أشهر، حتى يتعرف على مواقع القوة في العمل، ويسعى لتحقيق أكبر قدر من العطاء خلال فترة ساعات العمل الرسمي؛ فهذه الساعات الثمانية كفيلة بتحقيق الكثير من الإنجازات، فقط علينا أن نُحارب الترُّهل الذي أفقدنا الكثير من التميز في واجبنا الوظيفي.

... إنَّ القائمين على هذه الوزارة، وعلى رأسهم معالي الدكتور الوزير، وأصحاب السعادة الوكلاء، أمامهم تحديات كبيرة، وعليهم دراسة السوق بتمعُّن للوقوف على حجم الوظائف المطلوبة في الوقت الحاضر، والوظائف المستقبلية، وعليهم أن ينسقوا مع المعاهد والكليات والجامعات، وكذلك البعثات الحكومية عن التخصصات التي يحتاجها سوق العمل؛ ليكون التركيز على طبيعة التخصصات ذات القيمة المضافة لسوق العمل.

بهذا الأسلوب، ستتمكَّن وزارة العمل من السيطرة على الأعداد المتزايدة للباحثين عن العمل، وحتمًا ستتمكَّن من وضع حلول سريعة لرفد سوق العمل بكوادر وطنية مؤهلة.

نتمنَّى التوفيق لجهود الحكومة، ونتطلَّع منهم للعمل بإخلاص من أجل تمكين كوادرنا الوطنية في الأعمال ذات القيمة المضافة للاقتصاد؛ وذلك ترجمةً لفكر صاحب الجلالة المعظم -حفطه الله- واستئناسا بمتطلبات رؤية "عُمان 2040".