30 ألف وفاة بـ"كورونا" بين العاملين في الرعاية الصحية حول العالم

◄ "كورونا": أعداد الإصابات والوفيات الحقيقية "أعلى بكثير".. والشتاء يؤجج مخوف "الموجة الثانية"

◄ وفاة الأطباء تعني خسارة مئات السنين من الخبرات الثمينة والتدريب المُكلف

ترجمة- رنا عبدالحكيم

على الرغم من تسجيل أكثر من 1019186 وفاة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" و 34187154 إصابة بالفيروس منذ بدء تفشيه في ووهان بالصين، إلا أن من المحتمل أن يكون العدد الحقيقي للوفيات والإصابات أعلى بكثير بسبب نقص الفحوصات وآلية الإبلاغ عن الحالات في العديد من البلدان.

وذكرت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية أنه منذ ظهور الحالات الأولى المعروفة في سوق ووهان في ديسمبر 2019، تغير نمط الحياة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. وفي غضون ستة أشهر، أودى كوفيد-19 بحياة ما لا يقل عن 500000 شخص وأصاب 10 ملايين شخص. لقد استغرق الأمر نصف هذا الوقت فقط حتى يتضاعف عدد القتلى المعروف. وانتشر الفيروس الآن في 210 دولة ومنطقة، وأصاب 34 مليون شخص على الأقل.

وفي أوروبا، التي ظهرت كمركز مبكر للفيروس، تكافح الآن موجة ثانية مع دخول القارة أشهر الشتاء؛ حيث تصارع الحكومات والمواطنون مع احتمال تجدد القيود على الحريات الشخصية.

وتظل الأمريكتان الأكثر تضررًا مع وجود الشعبويين على رأس القيادة في الولايات المتحدة والبرازيل؛ حيث سعى كل من دونالد ترامب وجاير بولسونارو إلى التقليل علنًا من خطورة الفيروس، وقاوموا جهود التخفيف التي يمكن أن تعرقل الاقتصاد. وشهدت الأمريكتان ارتفاعا كبيرا في حصيلة الوفيات بمجرد انتشار الفيروس.

وبعد فترة وجيزة، برزت الهند كبؤرة تفشٍ أخرى، واستمرت في تسجيل أعداد جديدة من الحالات اليومية بعشرات الآلاف، وسجلت حتى اليوم الخميس أكثر من 6312584 إصابة، و 98708 حالات وفاة.

وفي الوقت نفسه، فإن التأثير على الاقتصاد غير مسبوق؛ حيث وصف صندوق النقد الدولي في أبريل الركود العالمي الناتج بأنه "أزمة لا مثيل لها".

وذكرت منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 7000 عامل رعاية صحية قد ماتوا بسبب كوفيد-19، على الرغم من أن الأرقام قد تكون أعلى من ذلك بكثير. وأفاد المجلس الدولي للممرضات أن 1000 ممرضة على الأقل توفوا في 44 دولة شملها الاستطلاع خلال شهر سبتمبر. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد وفيات العاملين في المجال الطبي يصل إلى 30000 في جميع أنحاء العالم.

وغير الوباء مهنة الطب تغييرا كبيرا؛ حيث أثر على أنماط التوظيف والتقاعد، إضافة إلى البروتوكولات اليومية، مضيفًا بُعدًا جديدًا ودائمة من الخوف والتوتر إلى حياة مقدمي الرعاية.

ويقول الدكتور إدوارد كيلي أحد كبار المسؤولين في منظمة الصحة العالمية، ردًا على سؤال من ذي إندبندنت: "ربما غيّر كوفيد-19 إلى الأبد أشياء كثيرة في مجتمعاتنا، ومنها تقديم الخدمات الصحية".

والخسارة البشرية لا يمكن تعويضها، إضافة إلى حزن ذوي الضحايا، لكن موجة الوفيات المبكرة من الأطباء والممرضات تعني فقدان مئات السنين من الخبرات الثمينة والتدريب المكلف.

والتهديد بالموت والمرض ذو تأثير عميق على الصحة العقلية لأولئك العاملين في المجال الطبي؛ حيث يخشى الكثيرون من الإصابة بالفيروس أثناء العمل ونقله إلى أقاربهم الأكثر ضعفًا أو أطفالهم.

ويقول أندرو جودارد أستاذ الطب في مستشفى ديربي الملكي ورئيس الكلية الملكية للأطباء: "كونك طبيبًا أو ممرضًا في حد ذاته لا يشكل أبدًا تحديًا لصحة الفرد في كثير من أنحاء العالم... هذه هي المرة الأولى التي لا يخشى فيها الأطباء على حياتهم وصحتهم فقط ولكن أيضًا على صحة أسرهم".

وحذرت العديد من الدراسات من أن الوباء يرهق المجتمع الطبي، مما تسبب في وباء متلازمة الإرهاق "التي تُعرَّف بأنها إجهاد مفرط وطويل الأمد تكون مكوناته الرئيسية هي الإرهاق العاطفي الذي يتسبب في فقدان الطاقة، وإرهاق الشعور والتعب"، مما يؤدي إلى تضاؤل ​​القدرة على العمل والاكتئاب، وفقًا لورقة بحثية نشرتها مجلة طبية برازيلية.

وفي مواجهة مخاطر وتوتر عصر الوباء، تقاعد العديد من الأطباء والممرضات مبكرًا أو تركوا وظائفهم. وقال رئيس نقابة الأطباء في تركيا، إن ما بين 200 و300 طبيب إما تقدموا بطلبات للتقاعد أو توقفوا عن الحضور للعمل. وسيكون النقص في الكوادر الطبية المتمرسين والمدربين جيدًا، ظاهرة عالمية.

وأدى الوباء إلى تعقيد الجهود المبذولة لتدريب الأطباء الجدد بسرعة، ويعني التعلم عن بعد أن طلاب الطب غير قادرين على مواكبة الأطباء أو العمل كمتطوعين في المرافق الطبية، كما إنهم محرمون من الوصول إلى المعامل أو المشارح. وأعاقت قيود السفر الناجمة عن فيروس كورونا القدرة على توظيف عاملين طبيين من الخارج، مما زاد من مشاكل المستشفيات والعيادات ومرافق رعاية المسنين.

لكن حتى في الوقت الذي تأكد فشل الرعاية الصحية، فقد جمع الوباء أيضًا المجتمع الطبي في جميع أنحاء العالم بشكل لم يسبق له مثيل؛ حيث يشارك الأطباء التجارب السريرية والباحثون يتسابقون لإيجاد علاجات ولقاح، ويحتمل وضع بروتوكولات واحتياطات وعلاجات يمكن تطبيقها إذا ما ضربت جائحة أخرى العالم.

تعليق عبر الفيس بوك