صراع الأفكار

طفول سالم

استيقظتْ في الصباح على غير العادة؛ رتَّبت فِراشها ناسية أمنياتها الصباحية، كانت ستسافر إلى سويسرا لتحل على تلك المروج الخضراء  قبل الغروب.

وقبل أنْ تخرج من الغرفة، رأت شيئا يُشبهها لا يزال واقفا قرب النافذة، كما لو أن ظلها انسلخ عنها، ظل واقفا، متمردا على ندائها المتكرر؛ حيث إنَّ شيئا منها ينتظر فرحة عارمة؛  شيئا يخدش جدار أفكارها؛ ويرسم رؤية جميلة  تتشوفها بشوق الأرض  للمطر، تتركه  لتدبر عنه بعيدا، ترجع إليه في المساء وقبل أن تنام ترتديه وتتقلب في صراعات ظلها المتمرد، يباغتها بفكرة أضاءت أرجاء الغرفة، ظلت تحدق بها مطولا حتى انطفأ بريقها بين يديها، كانت تلك فكرة مجنونة فعلا.. اضطرت أنْ ترمي بظلها بعيد قبل أن تستغرق في النوم.

لكنَّه لم يتركها، تهنأ بنومها فقد غاص في أعماق شغفها وأوقد نور عينيها اللتين فتحتا على مصراعيهما.. حسنا همهمت بتأفُّف: "إنها فكرة مجنونة"!.

ظنَّت أنها لن تتعامل مع تلك الأشياء مرة أخرى؛ فهي متورطة بها لحد الغرق، وجلست وسط الغرفة مستغرقة في تفاصيل الفكرة التي أضاءت مرة أخرى، وأخذتْ تكبر أمام عينيها، وقف ظلها باسما هامسا إليها: "دعيها تندلق فقط؛ إنَّها سلسة، ابدأي بتدوينها على الورق".

همت مسرعة من فراشها وأمسكت القلم وأخذت تدندن، فسمعت طقطقة بين الجدران وطبلا بين قفصها الصدري، وبدأ السقف بالانهيار طربا، وصفقت النافذة وتخلل شقوقها صفير الرياح، لتعم  الغرفة أجواء طربية لحديث  لم يتخطى كلماته دهاليز عقلها. حين لمعت الفكرة في رأسها، أخبرت نفسها هامسه بأنها في الغد سوف تقوم بتجميع كل تلك الأجزاء، وعليها أن تكون أحد أكثر الأشخاص تأثيرا في هذا العالم.

وفي الصباح، وفي كامل زينتها، وقفت ذاهبة للإعلان عن الفكرة، فاكتشفت أنها لم تقم بتدوينها على الورق.

تعليق عبر الفيس بوك