عام التعليم المدمج

 

خالد حسن الطويل

بين مُتوجس ومُترقب، أخذ أولياء الأمور مواقعهم حول كيفية سير العملية التعليمية في عام التعليم المدمج؛ بينما استنفرت وزارة التربية طاقاتها البشرية والمادية؛ لتبقى راية العلم مرفوعة في أجواء من السلامة والحذر.

يجب أن نُدرك أننا جميعًا شركاء في دفع عجلة التعليم لأبنائنا، ومن الواجب علينا البحث عن الحلول التي تجعل العام الدراسي يمر بردا وسلاما وفائدة، فهو عام استثنائي على جميع الدول، والناجحون هم من يستطيعون التكيف مع الظروف، وجعل تفاصيل الحياة تسير وفق الواقع المفروض على الجميع، ويجب على كل فرد أن يتحمل دوره تجاه مسؤولية تعليم أبنائنا؛ حتى نستطيع تدارك الوضع، وجعل المعرفة عملية مستمرة.

والأمثلة على مر الزمن كثيرة ومتعددة لأمم خاضت الحروب أو تعرضت للكوارث، وفي ذات الأعوام أنتجت أجيالاً متعلمين حاصلين على أعلى الشهادات؛ فالتعليم لا يرتبط بالصف والمدرسة فقط؛ بينما هو معرفة مُمتدة من المهد إلى اللحد. تلعب الأسرة فيه الدور الأكبر والأهم.

التكيف والتأقلم مع الظروف من شيم الأمم الكبيرة، التي لا تعرف لليأس طريقاً ولاتجد الأعذار لها سبيلا.

نحن على أبواب عام استثنائي بكل المقاييس، والأسر تعيش التحدي الأكبر بين الخوف والأمل، ومن هنا يجب أن ينطلق العمل لصياغة مواثيق أسرية منظمة، وصنع بروتوكولات تعليمية منزلية كل حسب استطاعته، ونبذ الاتكاء على الأعذار أو التواكل على الجهات الأخرى لصنع كل شيء.

مكانة فلذات أكبادنا لا يختلف عليها اثنان، وهي موضع اهتمام وحرص من الجهات الرسمية والاجتماعية على حدٍ سواء لذلك؛ فالعمل المرجو منِّا جميعا كبير، والجهود الواجب بذلها يجب أن تكون بحجم المُستقبل الذي نُريد، ويجب أن نتعاضد جميعا لنُكمل المسير نحو تحقيق أهداف التعليم لهذا العام على أكمل وجه، وبدون أي فاقد للمعرفة.

ويفترض أن يكون المنزل كخلية النحل؛ يعمل فيه الجميع لكي يجني ذلك الصغير رحيق الدروس، ويسير بخطى واثقة نحو تحصيل ما هو مطلوب منه على أكمل وجه؛ ليعيش الجميع فرحة الإنجاز في نهاية العام؛ فالأيام ستمر سريعاً كعادتها، والتسويف أو التهاون قد يفقد الطالب بعض الكفايات، أو المهارات التي قد لا تتاح له في العام القادم؛ فلكل مرحلة منهج يبني على ما تمَّ اكتسابه سابقاً، ويعد الطالب لاكتساب مهارات أعلى.

مصادر الحصول على المعرفة أصبحت مُتاحة وسهلة؛ يستطيع الصغير قبل الكبير الوصول إليها، وإن اقتصر دور الاقتراح والتوجيه والمتابعة حتى لمن لا يملك قواعد وطرق التدريس.

فالشبكة العنكبوتية زاخرة بالمواد التعليمية بطرق مبتكرة وجميلة، تسهل على الطالب اكتساب المعلومة بالطريقة التي يُريد، وما يحتاجه فقط هو البحث في الموضوع.

فلنترك الناقدين والسلبيين جانباً، ونعيش التحدي بيقين القدرة على تحقيق الهدف.

دعونا نصنع من الصعاب تحديا جديدا؛ فما يدرينا، قد يخلق الوضع ثقافة تعليمية جديدة، يعتمد فيها الطالب على نفسه، وتتوسع مدارك البحث لديه؛ للحصول على المعلومة، ويصبح هذا العام مدرسة للمُثابرة، وخلق عادات دراسية جديدة تنشئ لدى الطالب أساليب حياتية لحل المشكلات، وإدراك الإمكانيات المُتوفرة حوله، وأن يصبح التعليم أفقاً واسعاً لا يقوم على ركيزة واحدة فقط. وهذا الوضع سوف يكّون لدى الأسر ثقافة جديدة لتعليم أبنائها؛ يمرون من خلالها بأساليب مبتكرة لمتابعة الأبناء دراسيا.

نحن نعلم يقيناً أنَّ المدرسة والمعلم لن يدخروا جهدا في مساعدة الطلاب لتحصيل المعرفة، وسيكونون قدر الحدث، وسيظهر مُجتمعنا التماسك الذي تعودنا عليه من خلال أن يكمل بعضنا الآخر؛ فلنترك الناقدين والسبلبيين جانباً، ونعيش التحدي بيقين الاستطاعة على تحقيق الهدف. كما أنَّ عقد الأيدي خلف الظهر والاكتفاء بالنقد لن يوصلنا إلى ما نصبو إليه، وسوف يجعلنا نهرول في نفس المكان. بل يجب أن نسعى إلى إكمال البناء، وتقديم المقترحات التي تثري الجانب التعليمي، وبالطبع فإنَّ وزارة التربية تُرحب بتلك الشراكة التي تنقل مفهوم التعليم إلى عالم أوسع وأشمل، يشترك فيه المجتمع مع المدرسة ويبرز فيه دور الأسرة.

أعلم أن بعض الأسر قامت بتأسيس صفوف دراسية في منازلها، وصناعة بيئة مدرسية تستعين فيها بالإمكانيات المتاحة، وأعلم أيضاً أن هناك من تطوعوا لمساعدة الأسر التي لا يُوجد لديها من يستطيع رسم خطة متابعة لأبنائهم.

لنبدأ من الآن في جعل الطالب يبحث عن طرق استذكار حديثة، وكتابة مصادر متوقعة للبحث والتعليم؛ فالأيام سوف تمر سريعًا، وإن لم نعمل منذ الآن؛ فسوف يصدمنا العام الدراسي ببدايته؛ وما أن نستفيق إلا نجده قد شارف على الانتهاء.

فالتخطيط المُسبق الذي يجب أن يكون قبل بداية العمل هو أساس النجاح .

نسأل الله تعالى أن يكون عاماً دراسياً موفقاً محفوفاً بالسلامة والصحة والعافية.

تعليق عبر الفيس بوك