د.خالد بن علي الخوالدي
منذ تعليق الدراسة في شهر مارس من العام الماضي وجائحة كورونا (كوفيد 19) تعصف بنا وبدول العالم أجمع، لم يتغيَّر الوضع في السلطنة منذ عدة شهور بل ظلت الإصابات تراوح مكانها بين الصعود والهبوط والأبرز كان في زيادة الوفيات بشكل أكبر لتصل إلى مستوى العشرات بعد أن كانت في مستوى الآحاد، وهذا مُؤشر يجعلنا نفكر بضرورة مُراجعة وضع عودة الطلاب إلى المدارس وخطورته التي قد تُؤدي إلى تفشٍ أكبر للفيروس، خاصة مع معرفتنا بتجارب عدد من الدول التي قررت عودة الطلبة ثم قامت بعملية الإغلاق فيما بعد لزيادة الإصابات.
الوضع في السلطنة لا يختلف عن هذه الدول التي فكرت نفس تفكيرنا بعملية اتخاذ الإجراءات الوقائية والمشددة ولم تنجح، وعلينا التعلم من تجارب الدول الأخرى والتفكير في حلول مُختلفة ومعالجات مناسبة حتى لا نعود إلى توقف الدراسة مرة أخرى، وأصارحكم أن وضعنا أصعب وأخطر لأنَّ مستوى الوعي المجتمعي الذي راهنا عليه في بداية الجائحة لم ينجح إلا بنسبة بسيطة جداً، إضافة إلى أنَّ وضع مدارسنا غير مهيأ التهيئة المُناسبة فأجهزة التكييف أغلبها يحتاج إلى صيانة وبعضها إلى تبديل، والطالب العُماني في ظل هذا الجو الحار سيكون غير قادر على الالتزام بلبس الكمامة طوال اليوم الدراسي، وسيكون من الصعوبة مُتابعة ذلك من الهيئة التدريسية التي عليها التزامات أخرى، ناهيك عن حافلات المدارس والمقاصف وما يحدث فيها من اختلاط لايمكن السيطرة عليه، فتأجيل الدراسة من وجهة نظري أولى من المُراهنة على وضع لا تعرف عواقبه ولم يحسب له حساب، فكما هو معروف أن هذا الفيروس متحول ومُتقلب وخطير، وفلذات الأكباد هم مستقبل عُمان والمحافظة عليهم أولى من المخاطرة بهم.
وهناك حلول طرحت في هذا الجانب أهمها الدراسة عن بُعد، التي ستُواجه مشاكل عدة لعل أهمها شبكة الإنترنت الضعيفة في عدد من المناطق سواء الجبلية أو حتى السهلية والساحلية، ومشكلة عدم استطاعة عدد من الأسر توفير جهاز حاسب آلي لكل فرد من أفراد العائلة لمُتابعة الدراسة عن بعد، ناهيك عن جدوى هذه الدراسة والتي لها سلبيات عدة منها دخول الطلاب المنصات التعليمية في أول الحصة ثم جعل المنصة مفتوحة إلى آخر الدرس بينما الطالب مشغول في أمور أخرى، كما أنَّ هذا النوع من الدراسة يحتاج إلى جهود مضاعفة من الأسرة وهو ما يتعذر عندما يكون الأب والأم موظفين وغيرها من العقبات، لذا أرى تأجيل عودة الطلبة للمدارس حتى شهر يناير على أمل توفر العلاج لهذا الفيروس، وقد بدأت عدد من الدول المصنعة في التحقق من جدوى الأدوية المناسبة وإن شاء الله تكون الأمور طيبة خلال الفترة القادمة.
في النهاية هناك آراء مختلفة وأفكار متباينة فيما يخص عودة الطلبة للمدارس في بداية شهر نوفمبر المُقبل، والكل يدلي بدلوه وفكره، والأمر راجع لصانعي القرار والقائمين على أمر الحقل التربوي والتعليمي واللجنة العليا الموكل لها متابعة تطورات فيروس كورونا (كوفيد 19)، وشخصيًا أرى أن تأجيل الدراسة أولى، فرفع الضرر أولى من جلب المنفعة، وأدعو الله إن يُكلل المساعي بالخير لمصلحة هذا الوطن، وندعوه سبحانه أن يرفع عنَّا الوباء والبلاء وينعم علينا بخيره وتوفيقه، ودمتم ودامت عمان بخير.